52 سنة بين العبور والطوفان.. كيف كسرت مصر والمقاومة غرور إسرائيل؟

منذ إعلان قيامها عام 1948 بدعم غربي واسع، عاشت إسرائيل وهي الطرف الذي يمتلك غالبًا زمام المبادرة، فتضرب وتحتل وتتمددن بينما بقي الطرف العربي، ممثلًا بدول المواجهة، في موقع المتلقي للهزائم أو الاكتفاء بانتصارات معنوية محدودة، لكن التاريخ سجل استثناءين نادرين، عندما فوجئت إسرائيل مرتين فقط خلال أكثر من سبعين عامًا، الأولى في السادس من أكتوبر 1973، والثانية في السابع من أكتوبر 2023.
من النكبة إلى النكسة
الحرب الأولى عام 1948 كرست قيام إسرائيل على الأرض الفلسطينية، بينما اختصر العرب الخسارة باسم النكبة، دون أن يجدوا إجابة عن سؤال كيف ضاعت فلسطين بهذه السرعة أمام العصابات الصهيونية.
ثم جاء العدوان الثلاثي عام 1956، حين هاجمت إسرائيل مصر بدعم بريطانيا وفرنسا، بهدف السيطرة على قناة السويس، لكن التدخل السوفياتي الحاسم أجبر المعتدين على التراجع.
بعدها بسنوات قليلة، وقعت نكسة يونيو 1967، حيث احتلت إسرائيل ما تبقى من فلسطين إلى جانب سيناء والجولان، لترسخ صورة الجيش الذي لا يُقهر بدعم أميركي متزايد.
عبور أكتوبر.. تحطيم أسطورة بارليف
ظن الاحتلال أن العرب عاجزون عن المواجهة، لكن في ظهر السادس من أكتوبر 1973 باغت الجيش المصري إسرائيل بعبور قناة السويس واقتحام خط بارليف المنيع.
ورغم أن الأرقام النهائية لم تترجم إلى نصر ساحق، فإن المباغتة وحدها كانت كفيلة بإعادة الثقة إلى العرب، وتحطيم الصورة الذهنية التي صنعتها النكسة عن إسرائيل كقوة لا تُهزم.
طوفان الأقصى.. مباغتة القرن الجديد
بعد خمسين عامًا تقريبًا، تكررت المفاجأة في السابع من أكتوبر 2023، فبينما واصل الاحتلال حصار غزة وتهويد الأرض ومضى في اتفاقات التطبيع، نفذت المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى بقيادة كتائب القسام.
الهجوم كان الأكبر منذ عقود، وأوقع مئات القتلى بين الجنود والمستوطنين، إضافة إلى أسر أكثر من مئتين، في مشهد لم تعهده إسرائيل منذ نشأتها.
المقاومة في مواجهة ترسانة الاحتلال
اللافت أن طوفان الأقصى لم يكن من جيوش دول، بل من حركة مقاومة لا تملك طائرات ولا دبابات ولا دعمًا عربيًا أو دوليًا، في مواجهة دولة مدعومة من كل القوى الكبرى.
ومع ذلك، نجحت المباغتة في كسر المعادلة، لتعيد إلى الأذهان عبور أكتوبر وتؤكد أن إسرائيل ليست قوة لا تُقهر، وأن المقاومة هي الطريق مهما كان الثمن.



