تاريخ ومزارات

كنيسة القليس: الحلم الذي لم يتحقق لأبرهة الأشرم

كنيسة القليس هي واحدة من أشهر الآثار المسيحية في اليمن. كما تعود إلى القرن السادس الميلادي. في هذا المقال، سنتعرف على تاريخ هذه الكنيسة، وموقعها، وبنائها، ومصيرها.

تاريخ كنيسة القليس

كنيسة القليس هي الكنيسة التي بناها وزينها في اليمن أبرهة الأشرم، القائد العسكري لمملكة أكسوم الأثيوبية (الحبشة)، ليحج إليها العرب بدلا من الكعبة في مكة المكرمة. أبرهة كان قد تمكن من هزيمة آخر ملوك الدولة الحميرية، شميفع أشوع، حوالي عام 527 ميلادية، وبعد سيطرته على صنعاء اتخذها عاصمة لليمن. وباشر بناء كنيسة القليس بمساعدة من الإمبراطور البيزنطي، الذي أرسل عمالاً إغريقاً محملين بالفسيفساء والمرمر لاستخدامهما في تشييد الكنيسة. وكانت الفكرة أن تكون الكنيسة محطة للمسيحيين في جزيرة العرب، وأن تنافس الكنائس المشهورة التي يحج إليها المسيحيون مثل كنيسة القيامة وكنيسة الميلاد وكنيسة المهد في فلسطين.

لكن أبرهة لم يجد إقبالاً على كنيسة القليس من قبل العرب، الذين كانوا يعبدون الأصنام في الكعبة، كما خرج بجيش عظيم على ظهور الفيلة لهدم الكعبة وإجبار العرب على الحج في كنيسة القليس. ولكن الله خذله هو وجيشه بطير أبابيل رمتهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول. ولكن هذه الحادثة هي التي ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل. وبعد هذه الهزيمة، سقط مشروع أبرهة، وبدأت المقاومة اليمنية بقيادة سيف بن ذي يزن بمساعدة من الفرس لطرد الأحباش من اليمن.

موقعها

تقع في مدينة صنعاء، داخل المدينة القديمة، في حارة القطيع، قرب مسجد نصير. وتقع الكنيسة في الجهة الشرقية من الحارة، بين حي الميدان وحي عقيل. وتحيط بها صرحة واسعة، حفر في وسطها غرقة القليس، والتي هي ما تبقى من الكنيسة. والقليس هو معرب الإغريقية ἐκκλησία، والتي تعني الكنيسة. والبعض يعيد القليس لارتفاع بنيانها وعلوها، ومنه القلائس لأنها في أعلى الرؤوس.

بناء كنيسة القليس

كانت مبنية على ربوة يزيد ارتفاعها عن خمسة أمتار، وكان يحيط بها فناء فسيح للتنزه. وأنشئ مدخل الكنيسة على الجانب الغربي، ويتم الوصول إليه بارتقاء سلم شديد الانحدار من المرمر. وشيد المبنى بكامله من الحجارة والطين، وطليت أبوابها بالذهب والفضة. وكان يوجد من الداخل جناح ثلاثي، طوله خمسون متراً وعرضه خمسة وعشرون متراً تقريباً، ويرتكز عقده على أعمدة من الخشب الثمين والمزين بالرسوم وبمسامير من الذهب والفضة. ثم الجناح المصالب ذي الأقواس بعرض اثني عشر متراً.

يقطع الجناح أروقة مزينة بالفسيفساء التي تمثل أشجاراً. فضلا عن ذلك البلاط المستخدم من المرمر الملون. ويبدو أن الجناح المصالب كان منفصلاً عن الجناح بسلسلة من العقود المرتكزة على دعائم من المرمر. ويكونها حاجز ضخم من الأبنوس ومن الأخشاب الثمينة الأخرى المرصعة بالعاج، منقوشة بصورة رائعة. وأمام الهياكل المذابح المقدسة، كانت الأبواب المموهة بالذهب والمرصعة بالأحجار الكريمة. وفي وسط كل لوحة كان يوجد صليب من الذهب، ومن حول هذه الجواهر حفرت زهور مختلفة تولد حالة من الاندهاش لدى الزائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى