حوارات و تقارير

السبحة.. زينة الصائمين التي لا تختفي رغم البدائل والمغريات

تعود السبحة لتفرض حضورها اللافت في المجالس العائلية وبين المصلين عقب صلوات الجماعة في المنازل والمساجد خلال شهر رمضان المبارك، حيث تبدو وكأنها زينة مميزة مرتبطة بأجواء هذا الشهر الفضيل.

يحرص شبان ورجال من مختلف الأعمار على حمل السبح، حيث تزين أيديهم أثناء سيرهم وجلوسهم، مع تفضيل كثيرين منهم إبقاءها ظاهرة بدلاً من وضعها في الجيوب، في إشارة إلى ارتباطها الوثيق بممارساتهم الروحية.

ورغم أن السبحة تبدو للوهلة الأولى وكأنها زينة خاصة بالرجال، فإن لها حضورًا بارزًا أيضًا في مجالس النساء خلال شهر رمضان، حيث تستخدم بنفس الغاية، وهي إحصاء الأذكار والأدعية والركعات، مما يجعلها أداة روحانية مشتركة بين الجنسين.

السبحة.. تقليد متجذر في المجتمعات الإسلامية

لا تقتصر شهرة السبح على بلد بعينه، بل تمتد إلى العديد من الدول العربية والإسلامية، من مصر ودول الخليج العربي إلى العراق وبلاد الشام وإيران، حيث تعتبر جزءًا من الموروث الثقافي والديني الذي يتوارثه الأجيال.

ورغم التطور التكنولوجي المتسارع، إلا أن السبح التقليدية لا تزال تحتفظ بمكانتها رغم المنافسة الشديدة التي تفرضها مظاهر الحياة العصرية، فقد ظهرت السبح الإلكترونية الصغيرة، التي تتيح لمستخدميها إحصاء الأذكار بدقة، بأسعار زهيدة وحجم صغير يسهل حمله.

المنافسة بين السبح التقليدية والتكنولوجيا الحديثة

لم تقتصر المنافسة على السبح الإلكترونية، بل امتدت أيضًا إلى التطبيقات الذكية التي تتيح لحاملي الهواتف الذكية إحصاء أذكارهم بضغطة زر، دون الحاجة إلى التخلي عن هواتفهم التي باتت جزءًا أساسياً من حياتهم اليومية.

كما دخلت السبح التجارية المستوردة على خط المنافسة، حيث تصنع آليًا من البلاستيك بكميات كبيرة، مما يجعلها في متناول الجميع بأسعار زهيدة، وفي المقابل، تتطلب صناعة السبح التقليدية عمليات يدوية دقيقة ومواد خام مرتفعة الثمن، مما يمنحها طابعًا خاصًا ويميزها عن المنتجات التجارية الرخيصة.

ازدهار سوق السبح التقليدية رغم المنافسة

ورغم هذه التحديات، لم تفقد السبح التقليدية مكانتها، بل على العكس من ذلك، ازداد الإقبال عليها، حيث انتقلت معارضها ومزاداتها إلى منصات التواصل الاجتماعي، مما جعلها أكثر انتشارًا بين عشاقها.

ولا تزال ورش صناعة السبح تحافظ على وجودها في العديد من المدن مثل القاهرة وبغداد ودمشق وإسطنبول، حيث تستقطب زبائنها بمنتجات مصنوعة يدويًا تتفاوت أسعارها وفقًا لنوع المادة المستخدمة، فهناك السبح الخشبية ذات الروائح العطرية المميزة، والتي تفضل على السبح البلاستيكية، نظرًا لقيمتها الجمالية والروحانية.

السبح الثمينة.. رمز للرفاهية والتميز

وفي سوق السبح، تبدأ الأسعار من بضع دولارات للأنواع المصنوعة من الأخشاب العادية، لكنها قد تصل إلى آلاف الدولارات عندما يتعلق الأمر بالسبح المصنوعة من مواد ثمينة مثل الكهرمان، الذي يعد من الأحجار الطبيعية النادرة ذات القيمة العالية.

وتحظى هذه السبح الفاخرة بشعبية واسعة في دول الخليج العربي، حيث يجد الرجال متعة في اقتنائها، بل وينشأ بينهم وبينها ارتباط وثيق، يجعلهم يرفضون بيعها حتى مقابل عروض مالية مغرية.

صمود وتأقلم مع العصر

رغم المنافسة المحتدمة، لم تتراجع مكانة السبح التقليدية، بل استطاعت أن تصمد بل وتزدهر بفضل تكيفها مع المتغيرات العصرية. فقد لجأ صانعوها إلى الاستفادة من التطورات التقنية ومنصات التسويق الرقمي للترويج لمنتجاتهم، مما ساعد في الحفاظ على هذا الإرث العريق في وجه اجتياح المنتجات البديلة.

كما ساهم انتشار السبح في ثقافات متعددة في تعزيز مكانتها، فتارة تكون زينة للرجال، وطورًا أداة لإحصاء الأذكار والدعاء، وأحيانًا هدية رمزية في المناسبات الدينية، وحتى وسيلة للتخفيف من التوتر والضغط النفسي لدى بعض محبيها.

ورغم تغير الزمن وتطور الوسائل، تبقى السبحة رمزًا متجذرًا في الثقافة الإسلامية، محافظة على حضورها المتجدد بين يدي مستخدميها في مختلف الأزمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى