عطية حامد أبو عشية: الرجل الذي قاد المقاومة السرية في سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلي
دعاء رحيل
عطية حامد أبو عشية.. سيناء أرض الفداء والتضحية، أرض الجهاد والمجاهدين، أرض الشهداء والأبطال. في هذه الأرض الطاهرة، نشأ وترعرع وكبر رجل من رجالات الإسلام والوطن، رجل لم يكتف بالدعاء لله والصبر على الاحتلال، بل خرج إلى ساحة النضال والقتال، وأسس مع إخوانه خلايا مقاومة سرية، وشارك في تنفيذ عمليات بطولية ضد العدو الصهيوني، وتحمل المخاطر والتضحيات، وأخيراً نال شرف الشهادة في سبيل الله. هذا الرجل هو المجاهد البطل عطية حامد أبو عشية.
من هو عطية حامد أبو عشية؟
عطية حامد أبو عشية هو أحد أبناء قبيلة الترابين بمدينة رأس سدر التابعة لمحافظة جنوب سيناء. وُلِدَ في عام 1931م، وتزوج من امرأتين، وأنجب منهما 13 ابناً وابنة. كان يعمل في زراعة النخيل والزيتون، وكان يمتلك مزرعة كبيرة في رأس سدر.
عندما احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء عام 1967م، ترك عطية مزرعته وأخذ زوجتيه وأولاده وبعض العاملين، وذهب بهم إلى مكان يبعد عن رأس سدر 20 كيلومتراً يطلق عليه اسم “الزييتة”، وعشا في بيوت شعر قديمة بعيداً عن ويلات الحرب. لكن بعدها تفاجأ بقدوم عدد من الضباط والجنود المصريين، الذين كانوا يختبئون في جبال سيناء، وكان لا يوجد ما يكفي احتياجات هذا العدد من الطعام والشراب. فطلب عطية من زوجته إحضار المياه والطعام الموجود للقوات، واستضاف الضباط في خيمته، وألبسهم لباس البدو حتى لا يتعرف عليهم أحد من الإسرائيليين.
كان عطية يعمل منسقاً مع الجيش المصري، وكان يأخذ تعليمات من المخابرات المصرية، وينقلها لمعاونيه من أبناء قبيلته، ويقوم بتنفذها. كانت مهامه تشمل نقل الجنود والضباط والطعام والسلاح بسيارته إلى نقط مختلفة في سيناء، خصوصاً منطقة حمام فرعون، التي كانت تستخدم كميناء سري لإيصال المعونات من الضفة الغربية لخليج السويس. كما كان يقوم بجمع المعلومات عن تحركات وتموضعات القوات الإسرائيلية، وإرسالها إلى المخابرات المصرية.
انجازاته
ألقي القبض على عطية مرتين من قبل الإسرائيليين. المرة الأولى كانت في أحد الأيام فجراً، وبرفقته 13 شخصاً من قبيلتي الترابين والعليقات، أثناء ذهابهم إلى منطقة حمام فرعون لاستلام الدقيق والطعام للضباط والجنود المختبئين داخل الجبال. فأخذتهم القوات الإسرائيلية إلى مكتب التحقيقات في رأس سدر للتحقيق معهم. وادعى عطية ورفاقه أن الدقيق يأتي من ذويهم في الضفة الغربية لخليج السويس لأن ليس لديهم طعام. فقررت سلطات الاحتلال تخصيص يوم واحد فقط في الأسبوع لنقل الطعام والأفراد البدو بين السويس وجنوب سيناء.
المرة الثانية كانت قبل حرب أكتوبر عام 1973م، بتهمة إيواء وتهريب ضباط وجنود مصريين. فأخذوه إلى سجن في تل أبيب، ومكث خلف القضبان ستة أشهر، تعرض خلالها للعديد من أنواع التعذيب من أجل الحصول على معلومات. لكن لم تتمكن قوات العدو من كسر إرادته أو استخلاص شيء منه. بعدها عاد إلى مصر في صفقة لتبادل الأسرى بشرط ألا يعود إلى سيناء.
حصل عطية على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات في فبراير عام 1980م، كما حصل على درع وشهادة تكريم لأنه أحد أهم مجاهدي سيناء، كما حصل على نياشين وميداليات تقديراً لمجهوداته في حرب تحرير سيناء.
ارتقى شهيداً في حادث سير عام 2016م، تاركاً خلفه ذكرى طيبة وسيرة نضالية مشرفة. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عنا خير الجزاء.