وطنيات

في عيدهم.. دور عمال شركات المقاولات الوطنية في ملحمة “بناء حائط الصواريخ”

أسماء صبحي

كان الدور الرئيسى في انتصار أكتوبر للقوات المسلحة، بما قدمته بكفاءة عالية فى القتال، ومباغتة العدو وعبور القناة و تحطيم خط بارليف. إلا أن المدنيين من المهندسين و العمال كان لهم دور أيضاً فى هذا الانتصار. وكل ما هو مدني كان له دور سواء أفراد أو مؤسسات أو هيئات، بشكل مباشر أو غير مباشر.

وصل تلاحم أبناء الشعب مع قواتهم المسلحة إلى أن سالت دماؤهم سوياً على الجانب الغربى للقناة. قبل أن تروي أرض سيناء والضفة الشرقية للقناة في أوقات الانكسار والانتصار. ولم يقتصر دور المدنيين على الأفراد بل امتد ليصل الشركات الوطنية في مجال المقاولات. وعددهم 21 شركة على رأسهم شركة المقاولين العرب.

دور العمال في بناء حائط الصواريخ

في نهاية عام 69، عندما أصدر الرئيس جمال عبد الناصر توجيهاته بإنشاء شبكة مواقع وحدات صواريخ الدفاع الجوي. بما يحقق الوقاية للأفراد والمعدات وحماية العمق المصري من الهجمات الجوية المكثفة. بدأ العمل بشكل مكثف في شبكة الدفاع الجوي من يناير 1970 تحت القصف الجوي الشديد المستمر ليلاً ونهارا.

وقدرت حجم الأعمال الهندسية لإقامة هذا الحائط الذي نفذته 21 شركة مقاولات من أبرزها المقاولون العرب بـ 795 مليون متر مكعب من الأعمال الترابية. و1.4 مليون متر مكعب من الخرسانة العادية و1.68 مليون متر مكعب من الخرسانة المسلحة و800 كيلو متر طرق إسفلتية و3000 كيلو متر طرق ترابية.

وكانت خطة بناء حائط الصواريخ غرب القناة تقضي إما دفعا لجميع الصواريخ سام3 وسام2 والمدافع 23 مم وأسلحة ومعدات الدفاع الجوي المكملة للحائط دفعة واحدة إلى مواقعها غرب القناة. أو تتخذ أسلوب الزحف البطيء من منفذ شرق القاهرة إلى منطقة غرب القناة.

وفضلت القيادة العامة الأسلوب الثاني لأغراض الأمان وتطبيقا لمبدأ الحشد وذلك بإنشاء موقع صواريخ لحصن شرق القاهرة قبل أن يتم حمايته بواسطة صواريخ النطاق الأول. ثم إنشاء نطاق ثالث تحت حماية مظلة النطاق الثاني وهكذا إلى أن وصلت النطاقات إلى منطقة غرب القناة. حيث يتمركز عدد من كتائب الصواريخ سام3 وسام2 ومعها المدفعية المضادة للطائرات. وكانت هذه الشبكة تمثل أكبر تجمع دفاعي جوي مكونًا الفرقة الثامنة دفاع جوي مدعمة بصواريخ سام6 محمولة على ثلاثة فرقاطات سوفيتية متمركزة في أحد الموانيء.

وكانت السرية والسرعة في الإنشاء هي الطابع لهذه التحركات مكونة في جملتها الوثيقة الأولي لأكبر شبكة دفاع جوي تطورًا في العالم. وفي أوائل أبريل1970 تم تمركز صواريخ سام3 في مواقعها المنشأة حديثا غرب القناة وفي يومي 14 و15 أبريل بدأت مرحلة قذف طائرات العدو لمواقع الصواريخ الاحتياطية والتبادلية. حيث وصل معدل القصف إلى 1000 طن يوميا بقاذفات الفانتوم التي كانت قد بدأت تصل من أمريكا في سبتمبر 1969.

وكانت الوثبة الثانية في 28 يونيو 1970 علي أساس تمركز عدة كتائب من صواريخ سام 3 لتكون على بعد 30 كيلو مترا من القناة. وكان هذا التخطيط سواء من ناحية حجم المواقع وتوقيتاتها أو سرعة ودقة أداء رجال الدفاع الجوي مفاجأة تكتيكية للطيران الإسرائيلي الذي لم يتمكن من إكتشافها أو رصدها.

فشل هجوم العدو

وفي يوم 30 يونيو 1970 صدم العدو بوجود هذه الصواريخ عندما حاول الهجوم بسرب من طائرات اسكاي هوك والفانتوم. وفي ظهر هذا اليوم تم إصابة 11 طائرة للعدو خمس منها غرب القناة وتم أسر 5 طيارين منهم قائد السرب. وعاود العدو هجومه في 3 يوليو1970 لكن فشل وتم إسقاط طائرتين غرب القناة وأسر طيارين. وكرر العدو محاولاته ومني بالفشل حتي بلغت خسائره13 طائرة و7 طيارين.

أما الوثبة الثالثة والأخيرة وصل النسق الأول من الشبكة إلي ما يقرب من 10 كيلو مترات من القناة. الأمر الذي مكن شبكة الدفاع الجوي من إسقاط طائرة استطلاع إلكترونية في17 سبتمبر 1970. وخسر فيها العدو 12 خبيراً إلكترونياً أمريكيا وإسرائيليا.

وفي نهاية الأمر اجتازت مصر العقبة الرئيسية وهي التفوق الساحق للطيران الإسرائيلي. لذلك قررت القيادة المصرية بمشورة روسية انتهاج الخطة الفيتنامية. وترتكز تلك الخطة علي بناء سلسلة من قواعد صواريخ سام الروسية المضادة للطائرات. فتشكل هذه الصواريخ حائطًا يمنع اقتراب الطيران الإسرائيلي لمسافة عشرة كيلومترات. ثم تنقل تلك القواعد للأمام لمسافة عشرة كيلومترات أخري وهكذا.

ولكن أمريكا أدركت خطورة تلك الخطة فعملت على إفشالها، وأمدت إسرائيل عام 1968 بطائرات إف4( فانتوم). وهو الأمر الذي ضاعف من مسافة وقوة نيران الذراع الإسرائيلية، ودأبت إسرائيل خلال عامي 1970,1969 على قصف القواعد الصاروخية وهي قيد الإنشاء. لمنع استكمال حائط الصواريخ وقد استشهد في تلك الحملة المئات من المهندسين وعمال البناء المصريين.

لكن التضحيات لم تضع هباء فقد أصبح لدينا في صيف عام 1970 عدد 18 كتيبة صواريخ. رداً على تزويد أمريكا لإسرائيل بي 18 طائرة فانتوم، وبهذا أصبح حائط الصواريخ على الضفة الغربية للقناة مؤلفًا من130 كتيبة صواريخ دفاع جوي سام2 وسام3 ولواء صواريخ سام6 و 3475 مدفعا مضادا للطائرات من طرازات مختلفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى