حكاية الشهيدة “دميانة” أول راهبة في التاريخ
يرحل الجسد ويبقى الأثر، ويسكن الأثر الطيب الروح والقلب، وسكنت الأميرة دميانة في قلوب محبيها، بعدما تعلق قلبها بحب السيد المسيح والعذراء مريم، ووهبت حياتها للصلاة والذكر والنصح، حتى أصبحت رمزا للعفاف والتقوى والإخلاص في العبادة، وسميت الكثير من الكنائس حول العالم باسمها تيمنا بسيرتها العطرة.
الاحتفال باستشهادها وتكريس كنيستها
تعد رمزا عظيما من أهم الرموز المسيحية، لقبت بأميرة الشهيدات، فيحتفل دير القديسة دميانة ببراري بلقاس بعيد القديسة دميانة مرتين في العام، العيد الأول، عيد استشهادها 13 طوبة الموافق 21 يناير، والثاني، العيد الصيفي وهو عيد تكريس كنيستها الموافق 20 مايو.
وفي السطور التالية يحكي لنا القمص ديسقورس شحاتة، وكيل دير القديسة دميانة ببراري بلقاس، عن قصة حياة الشهيدة دميانة، ومواجهتها للاضطهاد الديني في القرن الرابع الميلادي.
من هي القديسة دميانة؟
القديسة دميانة، هي بنت الوالي مرقس حاكم منطقة الزعفرانة والبرلس في العصر الروماني، تحديدا في أواخر القرن الثالث الميلادي وأوائل القرن الرابع الميلادي، والزعفرانة هي منطقة الدلتا حاليا، سميت بهذا الاسم لكثرة زراعة الزعفران بها في عهد الإمبراطور الروماني “دقلديانوس”.
نشأتها
ولدت الأميرة دميانة من أبويين مسيحيين تقيين في أواخر القرن الثالث الميلادي، وكانت الابنة الوحيدة لهما، عاشت حياة مرفهة في بداية طفولتها، حتى طلبت من أبيها أن يبني لها بيتا صغيرا بعيدا عن الناس للتعبد داخله.
تعلق قلبها بالعبادة ورفضها للزواج
رغبت دميانة أن تكرس حياتها للعبادة والاعتكاف، لذلك رفضت الحياة الزوجية في سن الخامسة عشر، وبإصرارها وافق والدها على طلبها وبنى لها الدير، وتجردت من المال والوظيفة والحياة المرفهة وتفرغت تماما للعبادة والنصح والتقشف والصوم، رغم كونها الفتاة الوحيدة لوالي هذه المنطقة.
انضمام الأربعين عذراء إليها
اعكتفت القديسة دميانة للعبادة لتستكمل حياتها البتولية كراهبة في الدير الذي شيده لها والدها، حتى انضم إليها أربعين بنت من بنات الأمراء والوجهاء، اللوتي كانوا يجتمعن عندها.
مواجهة الاضطهاد الديني في القرن الرابع
عندما أعلن الإمبراطور الروماني “دقلديانوس” الاضطهاد على المسيحية، أجبر الولاه على عبادة الأصنام وبالتالي كل الراعية، ولكن رفض الوالي مرقص والد الأميرة دميانة عبادة الأصنام، ولكن بعد تهديده بابنته عبد الوثن خوفا عليها.
إيمان والدها واستشهاده
عندما علمت القديسة دميانة ترك أبيها للمسيحية وعبادته للوثن، قالت له :“كنت أتمنى أن أراك على فراش الموت، ولا أراك بعيدا عن عبادة الإله الواحد”، فتأثر مرقس بحديث ابنته وعاد مرة أخرى وآمن بعبادة الإله الواحد ثم استشهد.
وهذا ما زاد الإمبراطور “دقلديانوس” من إصراره على الاضطهاد على المسيحية ومحاربتها، لذلك قرر أن يعذب الأميرة دميانة، وبالفعل عذبها بجميع أنواع العذاب ليثنيها عن عزمها أو تقبل العبادة للوثن أبولون وارتميس وتسجد للحجر.
وأرسل لها الإمبراطور قائد مائة – مسؤول عن مائة جندي- ليعذبها عذاب شديد، منها الطرق على الرأس، وتقليع الأظافر، وتمشيط الجسم بالأمشاط الحديدية ورميها في الزيت المغلي والجير الحي.
صمودها وتمسكها
تمسكت الأميرة دميانة بعبادة الإله الواحد مع الأربعين بنت، وصمدت أمام العذاب، حتى أمر “دقلديانوس” أن تقطع رقبتها ورقاب الأربعين عذارى، لرفضهن عبادة الوثن والتخلص منهن ومن الدين المسيحي، واستشهدت في 13 طوبة ودفنت أجسادهن في المكان الذي تعبدت فيه لفترة.
فلما جاء الإمبراطور قسطنطين الكبير وحكم المنطقة عام 331 ميلادية، نشر عبادة الدين المسيحي، وأنشأت والدته الإمبراطورة “هيلانة” كنسية ومقبرة جميلة لهن وضعت أجسادهن بداخلها.