73 عاما على اندلاع حريق القاهرة.. من أشعل النار فى العاصمة؟
أميرة جادو
وقعت معاهدة 1936 بين الحكومة المصرية برئاسة النحاس باشا والقوات البريطانية، التي نصت على انسحاب القوات البريطانية إلى منطقة القناة، مع تعهد مصر بدعم بريطانيا في مواجهتها مع الألمان خلال معركة العلمين في سياق الحرب العالمية الثانية.
وعندما اقترب القائد الألماني من صحراء العلمين، تم تفعيل شروط المعاهدة التي فرضت على مصر أعباء ثقيلة خلال الحرب. لكن بعد انتهاء الحرب لصالح بريطانيا، لم تفِ بريطانيا بوعودها تجاه مصر، بما في ذلك وعدها بالجلاء.
إعلان النحاس إلغاء معاهدة 1936 ودعم الفدائيين
بعدما اندلعت حرب فلسطين وانتهت بكارثة عسكرية للجيش المصري، رفض الإنجليز الانسحاب، مما دفع النحاس باشا إلى اتخاذ قرار مفاجئ. ففي 8 أكتوبر 1951، أعلن النحاس إلغاء معاهدة 1936 قائلاً: “من أجل مصر ومن أجل مصروقتعتها ألغيها”. وأعلن أنه غير مسؤول عن حماية القوات البريطانية في منطقة القناة، إضافة إلى دعمه للفدائيين الذين قاوموا الاحتلال البريطاني.
مذبحة الإسماعيلية ورد الفعل البريطاني
في 25 يناير 1952، أمر القائد البريطاني في منطقة القناة، أكسهام، ضابط الاتصال المصري بتسليم أسلحة البوليس المصري للقوات البريطانية. رفض الضباط المصريون هذا الطلب وأكد فؤاد سراج الدين (وزير الداخلية) تأييده لموقفهم. وعلى إثر ذلك، قامت القوات البريطانية باقتحام مدينة الإسماعيلية، حيث حاصرت دباباتهم ومصفحاتهم مبنى المحافظة بحوالي 7 آلاف جندي بريطاني بأسلحتهم ومدافعهم، في حين كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يتجاوز 800 جندي في الثكنات و80 جنديًا في المحافظة، ولم يكن لديهم سوى البنادق. استمر المصريون في مقاومة الاحتلال حتى نفدت آخر طلقة لديهم، وأسفرت الاشتباكات عن استشهاد 50 جنديًا مصريًا.
حريق القاهرة والمظاهرات الشعبية
في اليوم التالي، 26 يناير 1952، انتشر خبر الهجوم البريطاني على الإسماعيلية في القاهرة، حيث استقبله المصريون بالغضب والسخط. تظاهر الطلاب ورجال الشرطة احتجاجًا على الحادث، وفي نفس الوقت، اندلع حريق القاهرة الذي التهم نحو 700 محل تجاري وسينما وكازينو وفندق.
كما امتدت النيران إلى العديد من المنشآت الشهيرة مثل محال شيكوريل وعمر أفندي، إلى جانب 13 فندقًا كبيرًا، و40 دار سينما، و73 مقهى ومطعمًا، مما أسفر عن مقتل 26 شخصًا.
فرض الأحكام العرفية
بعد تلك الأحداث، أعلن النحاس الأحكام العرفية في البلاد، وأوقف الدراسة في المؤسسات التعليمية، وأعلن نفسه حاكمًا عسكريًا عامًا. كما فرض حظر تجول في القاهرة والجيزة من الساعة السادسة مساءً حتى السادسة صباحًا. ولكن في النهاية، قام الملك فاروق بإقالة النحاس من منصبه نتيجة للأحداث المأساوية التي شهدتها البلاد.