تاريخ ومزارات

جبل التوباد في السعودية.. الشاهد على قصة حب قيس وليلي

أميرة جادو

جبل التوباد أو جبل قيس وليلى، يقع بالقرب من مدينة الغيل في منتصف وادي المغيال، ويبتعد مسافة 35 كيلومتر عن غرب مدينة الأفلاج، كما يقع على بعد حوالي 350 كيلومتر جنوب غرب العاصمة السعودية الرياض، وبالتحديد، على ضفاف وادي الغيل ويأخذ شكلاً متدرجاً ويبلغ ارتفاعه عن الوادي حوالي 20 متراً ويمتد طوله لـ100 متر، ويشهد جبل التوباد على قصة الحب الخالدة التي جمعت قيس بن الملوح وليلى العامرية، وفيه غار يقال إن قيس مجنون ليلى كان يرتاده، فسمي بغار قيس وليلى.

جبل التوباد في أشعار قيس بن الملوح

ود تم ذكر الجبل في أشعار قيس، فمن المعروف أن ارتباط الشعر بالمكان عادة قديمة مارسها الشاعر العربي، فالمكان بالنسبة له مرتكز وهاجس لتوليد نصه الشعري وتجسيد حالات الوجد والصبابة والحب وأيضاً الألم.

ووصف قيس بن الملوح جبل التوباد في أشعاره قائلاً:

وأجهشت للتوباد جين رأيته وكبر للرحمن حين رآني

وأذرفت دمع العين لما عرفته ونادى بأعلى صوته فدعاني

فقلت له أين الذين عهدتهم حواليك في خصب وطيب زمان

فقال مضوا واستودعوني بلادهم ومن ذا الذي يبقى من الحدثان

وإني لأبكي اليوم من حذري غداً فراقك والحيان مؤتلفان

قصة حب قيس وليلى

تعتبر قصة حبهم من أشهر قصص الحب العذري في التاريخ العربي، فلم تنته بارتباط المحبين بل كان الفراق قدراً، وبدأت القصة برفض والد ليلى زواجها من قيس لتطرقه لها بالقصائد حتى تناولها الناس وشاع خبر حبهما، وفي عرف العرب كان من العار أن تتزوج المرأة رجلاً قصد بها شعراً، وقرر والد ليلى حرمانهما من الزواج ورؤية بعضهما، وفي هذا قال قيس:

كيف السبيل إلى ليلى وقد حجبت، عهدي بها زمناً ما دونها حجب.

وبعد أن تم منع قيس من رؤية محبوبته، أخذ يلتمس لها، وعندما علم بخلو حي ليلى من القوم ذهب وقابلها في إحدى الليالي وانزاح عنه الهم والحزن وأخذ يكرر الزيارة حتى علم القوم ومنعوه من دخول حي ليلى وكان الوداع، وتقدم والد ليلى بشكوى إلى الخليفة عبد الملك بن مروان، ورفض إليه ما صدر من قيس، فأمر الخليفة بإهدار دمه إن زار ابنته مرة أخرى، وحينها أنشد قيس:

 

فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها، علي فلن تحمو على القوافيا.

بربك هل ضممت إليك ليلى، قبيل الصبح أو قبلت فاها

فرد عليه ورد قائلاً: “أما إذ حلفتني فنعم، حينها قبض مجنون ليلى بكلتا يديه على النار ولم يتركها حتى سقط مغشياً عليه، وبعدها هام على وجهه في البراري ينشد شعراً ويأنس بالوحوش ويتغنى بحبه العذري، وشوهد حيناً في الشام وحيناً في نجد وأطراف الحجاز حتى عثر عليه عام 688م، ملقى بين الأحجار بواد كثير الحصى، وقد فارق الحياة، وعند رأسه بيتين من الشهر خطهما بيده قائلاً:

توسد أحجار المهامة والقفر

ومات جريح القلب مندمل الصدر

فيا ليت هذا الحب يعشق مرة

فيعرف ما يلقى المحب من الهجر

محافظة الأفلاج السعودية

والجدير بالإشارة، أن عاصمة محافظة الأفلاج السعودية اسمها “ليلى” نسبة إلى ليلى العامرية معشوقة قيس بن الملوح، وهما صاحبا قصة العشق الأشهر في التاريخ العربي القديم بل في الأدب العالمي أيضاً، حيث تجاوزت قصة عشقهما في شهرتها قصصاً عالمية مثل: قصة حب روميو وجولييت، كما ترجمت حياة بن الملوح إلى لغات عدة وسطرت فيها روايات وملاحم.

وتحتوي محافظة الأفلاج عدداً من الشواهد التاريخية والقرى الأثرية والقصور القديمة، ولا يكاد يخلوا واد أو سهل من قصر مشيد أو حصن منيع تجاوز النخيل والأشجار أو قرية متكاملة كبيرة، ولا تزال هذه القصور منتشرة في الأودية، ومن أبرز المعالم الأثرية في الإفلاج: قصر سلمى، حصن مرغم، قصر جعدة والقصر العادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى