التمباني.. آلة الطبول الضخمة التي سافرت من العالم الإسلامي إلى قلب الأوركسترا الأوروبية

التمباني من أشهر آلات الإيقاع التي تتميز بصوتها العميق ورنينها القوي، ويعود أصلها إلى التراث العربي حيث كانت تعرف باسم النقارة. لم يكن لهذا الاسم الإيطالي وجود قبل القرن السادس عشر، إذ كانت التسمية السائدة آنذاك في أوروبا هي النكرز، وهي تحريف للاسم العربي الأصلي.
تتميز التمباني بتصميمها الفريد، فهي عبارة عن طبول ضخمة ذات صندوق مجوف على شكل نصف كروي، ويختلف قطرها بين 50 و80 سم. تصنع غالبًا من النحاس أو معادن خفيفة، ويشد على سطحها غشاء من جلد الأسماك المعالج أو النايلون، مع وجود فتحة في الأسفل لضبط ضغط الهواء داخل الطبل. يتميز العازفون على هذه الآلة بإمكانية التحكم في شد الغشاء وضبط النغمات عن طريق مفاتيح مثبتة على الحافة العليا، وعادة ما يتراوح عددها بين ستة وثمانية، وتعمل جميعها عبر دواسة تحرك بالقدم، مما يتيح ضبط الآلة بدقة وسهولة.
يتم العزف على التمباني باستخدام مضارب مصنوعة من الخشب أو الخيزران، وتغطى رؤوسها بمواد متنوعة مثل الجلد، اللباد، الصوف، الفلين، الإسفنج أو المطاط، ما يضفي تنوعًا على النغمات التي تصدرها.
لعبت التمباني دورًا بارزًا في العصور الإسلامية، حيث كانت تستخدم في المهرجانات والاحتفالات الكبرى، إلى جانب الحروب ومواكب الحجاج، وكان يتم وضعها على ظهور الخيول. انتقلت هذه الآلة إلى أوروبا بنفس أسلوب حملها العربي، قبل أن تجد طريقها إلى الأوركسترا الغربية خلال القرن السادس عشر، بفضل الموسيقار الإيطالي كلاوديو مونتيفيردي، ثم ترسخ وجودها رسميًا في الفرق الموسيقية الأوروبية خلال القرن السابع عشر. وعلى الرغم من شهرتها في العالم الغربي، اختفت التمباني من الموسيقى العربية منذ زمن بعيد، تاركة وراءها إرثًا موسيقيًا يشهد على تأثير الإيقاع العربي في الحضارات الأخرى.