حوارات و تقارير

إيران والولايات المتحدة: صراع النفوذ والنووي يهدد بإشعال الشرق الأوسط.. وهذا موقف دول الخليج

أسماء صبحي – تتجه العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة إلى منعطف خطير يهدد باندلاع مواجهة عسكرية واسعة قد تعيد رسم ملامح الشرق الأوسط. وسط تصاعد في الخطاب العدائي وتبادل الرسائل الحادة بين الجانبين.

ففي الوقت الذي تصر فيه طهران على رفض التهديدات الأمريكية وتؤكد تمسكها بالحلول الدبلوماسية. تزداد الشكوك حول مستقبل المفاوضات بشأن برنامجها النووي. خاصة بعد التحذيرات الإيرانية المتكررة لجيرانها من مغبة التورط في أي عمل عسكري ضدها.

إيران ترفض عقد مفاوضات 

وفي هذا السياق، أفاد مسؤول إيراني بارز أن بلاده ترفض تمامًا مطالب واشنطن بعقد مفاوضات مباشرة حول الملف النووي. محذرًا من أن أي هجوم على الأراضي الإيرانية سيقابل برد قاسي.

كما أوضح أن طهران بعثت برسائل صارمة إلى الدول المجاورة التي تستضيف قواعد أمريكية. تتوعد فيها بالرد الحازم حال تورطها بأي دعم عسكري محتمل.

وعلى الرغم من رفض إيران للمحادثات المباشرة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كما أبدى المسؤول استعداد بلاده لمواصلة التفاوض عبر وساطة سلطنة عمان، التي ظلت تلعب دور قناة تواصل غير مباشر بين الجانبين منذ سنوات.

وأكد المسؤول الإيراني أن تلك المفاوضات غير المباشرة تمثل فرصة لاختبار مدى جدية الجانب الأمريكي في التوصل إلى تسوية سياسية. مشيرًا إلى إمكانية انطلاقها قريبًا إذا ما أظهرت واشنطن التزامًا فعليًا نحو هذا المسار.

تحذيرات من إيران لدول الخليج

كما شدد على أن طهران أرسلت تحذيرات واضحة لكل من العراق، الكويت، الإمارات، قطر، تركيا، والبحرين. مفادها أن السماح باستخدام أراضيها أو أجوائها في أي هجوم ضد إيران سيعد بمثابة عمل عدائي يستوجب ردة فعل فورية وقوية.

وفي المقابل، لم تصدر ردود رسمية من معظم الدول الخليجية على هذه التحذيرات. فيما نفت الخارجية التركية علمها بها رغم احتمالية تسلمها عبر قنوات دبلوماسية أخرى. كما أكدت تقارير إيرانية أن الكويت قدمت تطمينات بعدم السماح بأي استخدام لأراضيها في أعمال عدائية ضد أطراف أخرى.

رد فعل روسيا

وفي إطار رد الفعل الدولي، أعربت روسيا، الحليف التقليدي لطهران، عن رفضها للتهديدات الأمريكية، داعية إلى التهدئة وتغليب منطق الحوار. غير أن مسؤولًا إيرانيًا آخر أوضح أن بلاده تسعى إلى تعزيز دعمها من موسكو. لكنها في الوقت ذاته متحفظة حيال مدى التزام روسيا بذلك، معتبرًا أن الموقف الروسي مرهون بتطورات العلاقة بين الرئيسين الأمريكي والروسي.

بدوره، أكد عباس عراقتشي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، تمسك بلاده بالخيار الدبلوماسي. معربًا عن استعدادها لمفاوضات غير مباشرة بشأن البرنامج النووي، شرط أن تكون خالية من التهديدات.

وشدد عراقتشي، على أن إيران لن تقبل التفاوض تحت وطأة الضغوط. مؤكدًا أن الرد الإيراني على رسالة ترامب الأخيرة جاء متناغمًا مع نبرة الرسالة ذاتها. كما أكد أن إيران لن تنخرط في مفاوضات مباشرة ما دام الطرف الآخر مستمرًا في سياسة التهديد.

في ذات السياق، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن طهران مستعدة للحوار ولكن من منطلق “الندية” وليس من موقع الضعف أو الخضوع، وأضاف أن إيران لا تسعى للحرب لكنها مستعدة تمامًا للدفاع عن سيادتها وأمنها القومي.

تصعيد عسكري في الشرق الأوسط 

تأتي هذه التطورات في وقت بالغ الحساسية، حيث تتزامن مع تصعيد عسكري في عدة مناطق من الشرق الأوسط، من بينها الحرب المستمرة في غزة، التوترات في لبنان، الضربات في اليمن، والوضع غير المستقر في سوريا.

وتزيد هذه الأوضاع من قلق دول الخليج التي تعتمد عليها الأسواق العالمية في إمدادات النفط، ما يجعل خطر نشوب حرب شاملة أكثر كلفة وتهديدًا للاستقرار العالمي.

كما أشار عراقتشي إلى الهجمات الأمريكية التي استهدفت مواقع خاضعة لجماعة الحوثيين في اليمن، واصفًا إياها بـ”غير القانونية”، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك لوقف الاعتداءات الصهيونية المتكررة على لبنان وسوريا وإنهاء المأساة الإنسانية في فلسطين.

ورغم استمرار الضغوط الأمريكية، بما في ذلك العقوبات المتزايدة، تواصل إيران تأكيدها على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، رافضة الاتهامات الغربية بأنها تسعى لامتلاك سلاح نووي، وقد انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي في 2018، ما أدى إلى انهيار التفاهمات القائمة وعودة التوتر بقوة إلى المشهد.

وفي هذا الإطار، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن بلاده لن تسمح أبدًا لإيران بامتلاك سلاح نووي، مؤكدًا خلال اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في بروكسل أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يراقب التطورات عن كثب، وأن المجتمع الدولي يتفق على ضرورة منع إيران من تطوير أسلحة نووية.

مذكرة احتجاج

وسط هذه الأجواء المتوترة، أكد الحرس الثوري الإيراني أنه سيرد بقوة على أي خطأ يرتكب بحق بلاده، بينما يواصل الكيان الصهيوني تصريحاته حول ضرورة منع إيران من تطوير سلاح نووي، ما يثير احتمالات توجيه ضربة عسكرية تستهدف منشآتها النووية.

وفي تصعيد واضح، أرسلت طهران مذكرة احتجاج رسمية إلى سويسرا، محذرةً من أن أي هجوم محتمل سيقابل برد فوري وحازم.

وفي المقابل، أعلنت واشنطن عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى الشرق الأوسط، شملت مقاتلات “إف-15″، “إف-16″، “إف-35″، إلى جانب القاذفات الاستراتيجية “بي-2″، متمركزة في قاعدة دييغو غارسيا في خطوة تعكس ارتفاع منسوب التصعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى