فنون و ادب

عبدالفتاح القصري.. أضحك الجميع وعاش حياة تراجيدية انتهت بمأساة

“يا صفايح الزبدة السايحة.. يا براميل القشطة النايحة”، “انتي ست دا انتي ست أشهر بس”، “كلمتي لا ممكن تنزل الأرض أبدا”.. هذه العبارات أصبحت مفردات يتداولها المصريون في حياتهم اليومية، لكنهم اقتبسوها من الفنان الكوميدي الراحل عبدالفتاح القصري.

كان للقصري سمته المميزة في الكوميديا التي لا يضاهيه فيها أحد، حيث تعتمد على الإفيه واللزمة والسخرية من الأحداث بطريقته وبنطقه الكوميدي للكلمات. وحركاته الجسدية التي تشبه حركات ولاد البلد في حارات وأزقة وشوارع مصر.

ولد عبدالفتاح القصري في أبريل من العام 1905 بالجمالية جنوب القاهرة لعائلة ثرية تتاجر في الذهب، وعشق التمثيل منذ صغره وتبناه نجيب الريحاني وطلب منه التفرغ للفن. وحقق نجاحاً على خشبة المسرح، دفع المنتجين والمخرجين للبحث عنه والتعاقد معه للمشاركة في الأفلام السينمائية.

رحلة عبدالفتاح القصري الفنية

قدم القصري 70 فيلماً سينمائياً، وكان قاسماً مشتركاً في أعمال إسماعيل يس ونجيب الريحاني. لكنه في لحظة صادمة وفارقة تعرض للعمى على خشبة المسرح وقت تقديم مسرحية مع إسماعيل يس أنهت حياته الفنية ومن بعدها حياته بشكل عام.

درس القصري بمدرسة الفرير الفرنسية وتخرج في مدرسة القديس يوسف بالخرنفش. وبدأ مشواره الفني من خلال الالتحاق بفرقة عبدالرحمن رشدي، ثم فرقة عزيز عيد و فاطمة رشدي. وعقب انضمامه إلى فرقة نجيب الريحاني انطلق القصري نحو المجد و الشهرة.

ومن أشهر أدواره دور “المعلم حنفي” في فيلم “ابن حميدو” مع الفنان إسماعيل يس، الذي ارتبط معه في الكثير من الأفلام. كما ارتبط بأفلام نجيب الريحاني وكان فيلم “سكر هانم” عام 1960 هو آخر أفلامه.

بداية المأساه

في صيف 1962 وقف القصري على خشبة المسرح، يؤدي مشهداً أمام إسماعيل يس، وعندما هم بالخروج أظلمت الدنيا أمامه واكتشف الفنان الراحل أنه فقد بصره. وظل يصرخ ويردد أنه فقد بصره واعتقد جمهور المسرح أن المشهد جزء من المسرحية فزاد ضحكهم وتصفيقهم.

لكن الفنان الراحل إسماعيل يس أدرك المأساة التي حلت بصاحبه وأوقف المسرحية، وقام بنقل القصري للمستشفى. حيث تبين أن ارتفاع نسبة السكر وراء فقدانه البصر.

عقب إصابته بالعمى، تعرض الفنان الراحل لصدمة أخرى فقد أجبرته زوجته الشابة على تطليقها. بل أجبرته على أن يكون شاهداً على زواجها من شاب يعمل صبي بقال ظل القصري يرعاه لمده 15 عاماً، ويعتبره بمثابة ابنه.

ليس هذا فقط بل أقامت مع زوجها الجديد في شقة الفنان الراحل وتركته حبيساً في غرفة من الشقة بمفرده. حتى أصيب بتصلب في الشرايين وفقدان للذاكرة، مما اضطر شقيقته إلى أن تأخذه بشقتها وتقوم برعايته.

وفي السنوات الأخيرة للقصري وعقب اشتداد المرض عليه، ونقل بعض وسائل الإعلام المصرية ما تعرض له على يد طليقته. قامت كل من الفنانة نجوى سالم والفنانة ماري منيب بمخاطبة السلطات لإنقاذ القصري، فقررت نقابة الممثلين صرف إعانة عاجلة ومعاش شهري له. وسعت نجوى سالم أيضاً لدى صلاح الدسوقي، محافظ القاهرة وقتها، فحصلت للقصري على شقة بالمساكن الشعبية في منطقة الشرابية.

وتبرع الكاتب الكبير يوسف السباعي بمبلغ 50 جنيهاً لشراء غرفة نوم حتى يجد القصري سريراً ينام عليه.
كما قادت الفنانة هند رستم حملة بين الفنانين للتبرع لعلاج زميلهم.

رغم شهرته مات وحيداً

وفي 8 مارس من العام 1964 اشتدت نوبة السكر على الفنان الراحل وأصيب بغيبوبة وتم نقله إلى مستشفى المبرة حيث لفظ أنفاسه الأخيرة. ولم يحضر جنازته سوى عدد قليل من المشيعين لا يتجاوز 6 أفراد، هم شقيقته بهية والفنانة نجوى سالم وجيرانه قدري المنجد وسعيد عسكري الشرطة وآخر حلاق وصديقه الترزي. ليرحل أحد عمالقة الكوميديا في مصر بعد حياة تراجيدية ومأساوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى