حوارات و تقارير

“الحرب الجرثومية”.. هل المختبرات البيولوجية الأوكرانية تهديد حقيقي أم إشاعة روسية؟

أميرة جادو

زعمت روسيا، منذ سنوات، أن الولايات المتحدة تدير مختبرات بيولوجية في جورجيا وأوكرانيا تشكل تهديدًا مباشرًا وحقيقيًا لأمنها وتنتهك الاتفاقيات الدولية، والتي تشمل انتقال مسببات الأمراض، لذلك دعت روسيا إلى عقد اجتماع طارئ خاص لمجلس الأمن الدولي، لمناقشة مزاعمها بأن أوكرانيا تخطط لتطوير أسلحة بيولوجية.

اتهامات واتهامات مضادة

وقد أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في يناير الماضي في كلمة أمام مجلس “الدوما”، أن “معظم الدول المجاورة لبلاده لديها مختبرات بيولوجية عسكرية أميركية”، وأشار إلى أنه “من الصعب للغاية فهم” ماهية عمل هذه المختبرات، ونفت كييف هذه الاتهامات، وحذرت واشنطن من أنّ الهدف من هذه المزاعم قد يكون التحضير لإمكانية أن تستخدم القوات الروسية قريباً مثل هذه الأسلحة في أوكرانيا.

وكررت روسيا مزاعمها السابقة بدون تقديم أدلة بأن واشنطن مولت أبحاث أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، خلال الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن الدولي الجمعة، بناء على طلب من موسكو، وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن كييف أدارت شبكة من 30 مختبرا تجري “تجارب بيولوجية خطيرة للغاية”، وتهدف إلى نشر “مسببات الأمراض الفيروسية” من الخفافيش إلى البشر.

وأضاف سفير روسيا، إن مسببات الأمراض تشمل الطاعون والجمرة الخبيثة والكوليرا وأمراضا قاتلة أخرى، بدون تقديم أي دليل.

وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو، خلال الجلسة، إن الأمم المتحدة “لا علم لديها بأي برنامج أسلحة بيولوجية في أوكرانيا”.

كما اتهمت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد، روسيا بأنها تستخدم مجلس الأمن للتفوه “بسلسلة من نظريات المؤامرة الجامحة وغير المسؤولة التي لا اساس لها على الإطلاق”، مؤكدة إنه “لا يوجد ولو ذرة من الأدلة الموثوقة بأن أوكرانيا لديها برنامج أسلحة بيولوجية”.

من جهتها أعلنت ليندا توماس-غرينفيلد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، إن بلادها ساعدت أوكرانيا في تشغيل مرافق صحة عامة تكشف عن أمراض مثل كوفيد-19.

تجارب بيولوجية سرية

وقد كشف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، يوم الأحد الماضي، عن توصل موسكو إلى وثائق وأدلة أثناء تمشيط دقيق لآثار برنامج بيولوجي عسكري يتم تنفيذه في أوكرانيا بتمويل من وزارة الدفاع الأميركية، قائلًا: إن “كييف قامت بالتستّر على آثار برنامج بيولوجي عسكري تم تنفيذه في أوكرانيا وبتمويل من البنتاغون”.

 

وأشار المتحدث الروسي إلى أن “البنتاغون يشعر بقلق بالغ إزاء الكشف عن تجاربه البيولوجية السرية في أوكرانيا منذ بدء العملية الروسية في البلاد”. وذكر أن “الجانب الروسي تلقّى أيضاً وثائق من عمال المعامل البيولوجية الأوكرانية تؤكد تطوير أسلحة بيولوجية في البلاد”.

بين التأكيد والنفي

وفي السياق ذاته، أكدت فيكتوريا نولاند، نائبة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، خلال جلسة استماع في الكونغرس، عقدت يوم الثلاثاء الماضي، وجود “منشآت أبحاث بيولوجية” في أوكرانيا، مشيرة إلى أن بلادها تعمل على منع وقوع هذه المواقع في سيطرة روسيا، مضيفة أن “أوكرانيا لديها منشآت خاصة بالأبحاث البيولوجية. نحن قلقون من أن القوات الروسية يمكن أن تحاول بسط السيطرة عليها”. وشددت على أن الولايات المتحدة تعمل لهذا السبب مع الأوكرانيين “لمنع وقوع أي من هذه المواد البحثية في قبضة القوات الروسية بحال اقترابها”.

وما بين التأكيد والنفي، يبقى أن هذه المختبرات والحديث عن حروب بيولوجية تعرف بـ “الحرب الجرثومية”، ليست بالأمر الجديد على الساحة السياسة الدولية. إذ بدأ استخدامها في القرن الرابع عشر من قبل المغول، ومن ثم لجأت العديد من الدول إلى مثل هذه الأسلحة الجرثومية للقضاء على العدو في القرون السابقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى