سامى الشريف لـ«صوت القبائل»:انتصار أكتوبر سيبقى الحدث الأكبر وطنيًا.. والقوات المسلحة مدرسة الوطنية |حوار|
الدكتور سامي الشريف، العميد السابق لكلية الإعلام ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري الأسبق، وعميد إعلام الجامعة الحديثة حاليا، أحد أهم خبرات الإعلام المصري وواجهته المشرفة خارجيا، أثرى العمل الإعلامي بكثير من المؤلفات والآراء والمحاضرات.
الشريف، ولد عام 1954، واشتغل بالعديد من المناصب منها المستشار الإعلامي لرئيس جامعة القاهرة ولاتحاد المبدعين العرب، أستاذ ووكيل قسم الإعلام سابقاً بكلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما تولى منصب رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري والقائم بعمل وزير الإعلام عقب ثورة يناير 2011، ويشغل حالياً منصب عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة للتكنولوجيا والمعلومات ، وأستاذ الإعلام الدولي بكلية الإعلام جامعة القاهرة.
للدكتور الشريف عشرون كتاباً في مختلف فنون الإعلام، كما أشرف على أكثر من مائة رسالة ماجستير ودكتوراه بالجامعات المصرية والعربية.. الدكتور سامي الشريف كشف عن العديد من تفاصيل ومحطات حياته المهنية في حوار خاص مع «صوت القبائل» وإلى نص الحوار.
* في الذكرى الـ 48 لانتصار أكتوبر المجيد .. ماذا تقول؟
سيبقى السادس من أكتوبر من كل عام عيدا للمصريين ورمزا ليوم استردت فيه الدولة المصرية والأمة العربية عِزتها وكرامتها من جديد، واستطاعت أن تصحح ما أسقطه التاريخ من أحداث ووقائع، وتمكنت من أن تحرر الأرض وتهزم وتقهر جيش إسرائيل ومن يدعمه، وهذا اليوم أعاد التأكيد أمام العالم أن الدول العريقة تتعثر ولا تنهار.
*بعد 48عامًا على نصر أكتوبر .. كيف ترى التطوير الشامل الذي حدث بالقوات المسلحة المصرية؟
القوات المسلحة أكثر مؤسسات الدولة التي لا تتوقف لحظة عن العمل والتدريب والتطوير والتحديث، والجيوش العريقة والقوية يجب أن تبقى قوية، كما أن الدولة المصرية لها نفوذ ومكانة ومصالح إقليمية كبيرة تحتاج لمن يحميها، والتطوير والتحديث الذي تعيشه القوات المسلحة هما نتاج رؤية ثاقبة للرئيس السيسي القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي قرأ المستقبل والمخاطر المحتملة.
* بصفتك أحد أهم خبراء الإعلام بالمنطقة.. كيف ترى أداء الإعلام المصري في الوقت الحالي؟
دعونا نعترف أولاً أن الإعلام المصرى والعربى بصفة عامة يمر بأزمة حقيقية فى السنوات الأخيرة، لأن الإعلام فى الأصل خدمة تقدم للمواطن معلومات وأخبارا تعينه على فهم البيئة المحيطة به واتخاذ القرارات المناسبة له، أيضا الإعلام يقوم فى الأصل بدور التثقيف والتعليم والتنمية ودعم الانتماء. لكن فى ظل المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام وسيطرة القطاع الخاص وسيطرة الشركات الإعلانية على مقدرات الإعلام، أصبح الإعلام سلعة، وليس خدمة، يسعى إلى تحقيق الأرباح على حساب الوظيفة الخدمية التى ينبغى أن يقوم بها، ومن هنا جاء الخلل؛ فالإعلام الذى يُنتظر منه أن يثقف الناس ويعلّمهم أصبح أداة لتحقيق الأرباح وألعوبة فى يد المعلن؛ فغلبت المادة الإعلانية على المادة الإعلامية وهو ما يخالف قواعد المهنية.
* بعد تنحي مبارك توليت حقيبة الإعلام رئيسًا لاتحاد الإذاعة والتليفزيون في وقت عصيب.. حدّثنا عن التفاصيل؟
بالفعل كانت فترة عصيبة جدا، وعندما عرض عليّ هذا المنصب من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة كنت مترددا بشكل كبير جدا؛ فقد كانت هناك مشاكل كثيرة تحيط باتحاد الإذاعة والتليفزيون؛ وكانت وزارة الإعلام قد أُلغيت وقتها؛ وقَبِلت هذا المنصب، على أننى لا أتخلى عن مطلب للوطن، وكان المجلس العسكرى مساندا لى بشكل كبير؛ لكن اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى هذا الوقت كان ملتهبا جدا؛ فهناك أعداد ضخمة تعمل فى الاتحاد؛ وهناك ميزانيات لا تعطيها الدولة؛ إضافة إلى توقف حالة الإنتاج الدرامى والإعلانات وهى مصدر الدخل الرئيسى للاتحاد، وهناك متأخرات في رواتب العاملين ومكافآتهم؛ وهناك ثوّار يريدون السيطرة على وسائل الإعلام، وهناك فصيل إخوانى أيضا يرغب فى ذلك؛ وبالتالى قررت منذ أن توليت المنصب ألا أتخذ قراراً إلا ما أرى أنه صحيح ولا أخالف أى لائحة أو قانون.
*ما أول قرارات اتخذتها في المنصب؟
على قدر المستطاع حاولت أن أصلح ما كان فاسدا على فترات طويلة؛ لأن فى هذا التوقيت كان هناك 44 ألف موظف فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون يتقاضون 122 مليون جنيه رواتب شهرية؛ والدولة تعطينى 55 مليونا فقط وعليّ تدبير بقية المبلغ، فلم تكن هناك ميزانية على الإطلاق فى الاتحاد، وكان شغلى الشاغل كيف أدبّر رواتب العاملين فى أوقاتها؛ ومع توقف الإنتاج ورغم ذلك كان هناك عدد كبير من الصحفيين يعدون ويقدمون برامج من خارج التليفزيون وهناك برامج تعد كاملة وتحتل مساحة كبيرة فى التليفزيون؛ فقررت إيقاف أى تعامل مع الصحفيين الذين يعدون برامج وكذلك البرامج التى كان يقدمها البعض من خارج الاتحاد؛ لأن هناك الآلاف لا يجدون عملا، وهذه البرامج كانت تستنفد مبالغ ضخمة جدا من الميزانية، ووجدت رؤساء القطاعات فى الاتحاد يتقاضون مبالغ خيالية، فى حين لا يجد الموظفون والمذيعون رواتبهم، فأصدرت قراراً بوضع حد أقصى للأجور 25 ألف جنيه فى الوقت الذى كان يتقاضى فيه بعض رؤساء القطاعات 200 ألف جنيه شهريا وأحدثت تغييرا جذريا فى قيادات الاتحاد ودفعنا بكوادر شابة، وأعتقد أن التجربة نجحت بالرغم من هذه الظروف الصعبة.
* حملات عدائية ممنهجة تقودها قنوات الجزيرة والقنوات المعادية ضد مصر.. كيف ترى أهداف وأبعاد هذه القنوات؟
يجب أن نلفت إلى أن مصر تتعرض لمؤامرات كثيرة فى الداخل والخارج، تستهدف إسقاط الدولة؛ لأن الاتجاه العام من القوى الاستخباراتية العالمية والإقليمية هو إسقاط الدولة الوطنية فى الدول العربية، وقد نجحوا فى ذلك بعدد من الدول حولنا، السد الوحيد الذى وقف أمامهم هو مصر، فالقوات المسلحة حمت البلاد من السقوط، فيما سقطت فيه دول مجاورة أخرى، فأحبطت مخططهم لإقامة الخلافة العثمانية لسيطرة القوى الإرهابية على مقدرات البلاد، فتعرضت مصر، ولا تزال تتعرض، لضغوط شديدة جدا؛ هذه الضغوط تقودها الصهيونية العالمية؛ هذه الدول لا تريد خيرا لمصر؛ وتسعى إلى إفشال أى محاولة للإصلاح والتقدم، تحارب الرئيس السيسى والقوات المسلحة لإحداث فجوة بين الرئاسة وبين الشعب؛ وبين القوات المسلحة وبين الشعب المصرى.
* على ضوء ذلك.. كيف يمكن إنتاج إعلام قوي يجابه الأخطار ضد مصر؟
أول شيء أن تحافظ الدولة على مؤسسات الإعلام الوطنى مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون بخدماته المختلفة، الصحف القومية، لأن هذا خط استراتيجى والقضاء عليه هو اختراق للأمن القومى المصرى؛ ويجب على الدولة أن تنتبه إلى ذلك، بأن تصلح الإعلام الرسمى وتطوره؛ أيضا لابد من دعم الصحفيين والإعلاميين والمثقفين.
*يقال إن ماسبيرو خسر المعركة أمام القنوات الخاصة.. ما ردك ؟
يجب التذكير بأن القنوات الخاصة فى مصر والقنوات العربية أيضا، قامت وانتشرت على أكتاف كوادر ماسبيرو، التي تعد خبرات لا تقدر بثمن. إذن هذه الكوادر موجودة لدينا، وهى الأساس، وماسبيرو به 24 قناة و17 خدمة إذاعية؛ يمكن إعادة جدولتها ودمجها وتطويرها.
* في أكثر من مناسبة أكد رئيس الجمهورية وجود سوء في الخطاب الإعلامي، مطالبًا بأن يكون هناك خطاب إعلامي هادف.. كيف ترى ذلك؟
بالطبع الرئيس يضع الإعلام فى مقدمة أولويات سياسته، لكن لا تتخذ الإجراءات التى تدفع إلى تطوير حقيقى، فالإعلام يحتاج إلى فعل ودعم، بمزيد من الإمكانيات.
*من وجهة نظرك.. ما الحدود الفاصلة بين الحرية الإعلامية والفوضى؟
قوانين الإعلام موجودة فى دول العالم وحرية الرأى والتعبير موجودة فى كل العالم، الفلاسفة يقولون:«إن حريتك فى أن تحرك يدك كيف تشاء، ولكن حرية يدك تنتهى عندما تبدأ حرية أنفى» بمعنى عدم التدخل فى شئون الآخرين، عدم الخوض فى أعراض الناس، عدم التقليل من شأن فئة من فئات المجتمع؛ وهذه ضوابط تحكم الحريات، لكن ليس هناك حرية مطلقة، وليس هناك إعلام حر، هناك إعلام مقيد فى كل دول العالم، لكن بأُطر معروفة؛ ومتعارف عليها، عندما يسيء إليّ أحد فى وسائل الإعلام يتم اللجوء إلى القضاء، ومن الممكن انتقاد السياسات لكن دون انتقاد الشخص، هذا حق مكفول، وهذا شىء طبيعى، أن يكون هناك رأى ورأى آخر، وأن نحاسب الذين يخرجون على السياق العام بضوابط قانونية وليس باجتهادات.