وطنيات

“كمين وادى عربة”.. من بطولات حرب الاستنزاف المنسية

أسماء صبحي
نفذ كمين وادى عربة سيادة اللواء الراحل علي عثمان بلتك، هو من أبطال قوات الصاعقة في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 73، وأحد أبطال المجموعة 39 قتال والإغارة على ميناء إيلات.
 

بداية الدورية

ويوم 1/7/69 تحركت الدورية من القاعدة الى نقطة التحرك، وتتكون من 9 افراد بالإضافة إلى جمل يحمل الشئون الإدارية والألغام، وتم تشكيل الدورية طبقًا لتدريب مدرسة الصاعقة أثناء التحرك فى الأراضي الجبلية والصحراوية (افراد استطلاع- قوة الدورية- المؤخرة- افراد التأمين الجانبي)، وتولى ملازم أول بشير الشيخ قيادة الدورية، واعتبر نفسه محكمًا بنفس أسلوب التدريب بمدرسة الصاعقة.
 
وكلما ظهر فى طريق التحرك شجرة أو تبة مرتفعة، تبدو كأنها كمين أو دبابة لعدو يجد اللواء عثمان بلتك ارتباكًا من قائد الدورية، فيضطر إلى أن يتحرك ومعه فرد استطلاع (حسني) حتى يتم التأكد من خلو الطريق من العدو وإعطاء إشارة الأمان وتستمر الدورية فى التحرك.
 
وهكذا كل مرة يشترك مع الاستطلاع حتى يطمئن الافراد ويبث فيهم الثقة، وفى نهاية اليوم الثالث تعب فردين من قوة الدورية فتركهم في منطقة جبلية مؤمنة وواضحة على الطبيعة وتم تحديدها على الخريطة مع إجراء الإخفاء والتمويه.
 

الوصول لمكان الاستطلاع

واستمر التحرك بباقي الأفراد حتى وصلوا لأقرب ساتر يمكن منه استطلاع العدو ليلًا ونهارًا لتحديد نوع المركبات، والمسافة بين كل مركبة وأخرى، والسرعة، وتوقيتات التحرك.
 
وفى آخر ضوء يوم 13/7/69 اتجهت الدورية إلى مكان رص الألغام فى أرض العدو على طريق تحرك مركباته، وعند وصولهم لموانع العدو وجدوا على قوائم سور السلك الشائك (ألغام كهربائية) فرده السلك فوق الارض والثانية تحت الارض، وبالمرور عليها يتم انفجار اللغم، فقام عثمان بلتك بفتح ثغرة في السلك الشائك وتأمين مرور الأفراد خلال عبور الثغرة ثم قام بتأمين الثغرة.
 

إعداد الكمين

تم إعداد الكمين للعدو بحفر 4 حفر، وتم وضع الألغام وتجهيزها للعمل، وتم إجراء التمويه والإخفاء لأثار الحفر والتحرك ثم قفل الثغرة، وفك لغم كهربائى (أو جهاز الإنذار الإسرائيلى)، ومن ثم الانسحاب بالخطوة السريعة مع تمويه آثار التحرك لمسافة حوالى 20 كم حتى الوصول لأقرب منطقة جبلية للإخفاء قبل أول ضوء يوم 14/7/69.
 
ووصلت الدورية إلى منطقة جبلية وتم إخفاء الأفراد، وصعد عثمان بلتك على قمة جبلية ومعه ملازم أول بشير الشيخ والرقيب صالح الحواجري، وانتظروا الصيد الثمين، وبالفعل ساعة 600 جاءت عربتان نصف جنزير وراقبتهما المجموعة وحبست الأنفاس وهما يقتربان من الألغام التى قاموا ببثها، وما إن انفجرت الألغام فى السيارتين حتى صاح بشير: الله اكبر… الله اكبر.
 
استكملت المجموعة الانسحاب، ووصلت إلى الأفراد التي سبق تركتها عند تعبهم (فردين )، وكانا قد جهزا لهم وجبة ساخنة من المأكولات والشاي، وفي اليوم الثالث من الانسحاب وصلوا إلى منطقة البتراء جنوب الأردن وتم الاتصال تليفونيًا بقيادة القاعدة بمنطقة الطفيلة.
 

ادعاءات إسرائيل

وأعلنت إذاعة إسرائيل أنه تم قتل 7 مخربين فى منطقة بئر منوحاه، نفس مكان العملية وفى نفس التوقيت، وتأكدت القيادة أنها مجموعة الكمين، وكان زملائهم يقومون بقراءة القرآن على أرواحهم، وكان تعليق الزملاء إن علي عثمان أصر على الاشتراك فى العملية رغم رفض مكتب عمان، وأنه ذهب وـصر لأنه أجله وعمره وإرادة الله.
 
وكانت دهشة النقيب مروان على التليفون أن المجموعة رجعت حميعها سالمة، وطلب عثمان منه إرسال سيارة لتنقلهم الى قواعدهم.
 

عودة المجموعة

وعند عودتهم إلى القاعدة، قام عثمان بتحليل العملية لأفراد القاعدة بدءً من التخطيط والتدريب والتنفيذ، وسأل ملازم أول بشير الشيخ عن رأيه فقال : “أشهد بأنها أسهل من دوريات مدرسة الصاعقة”.
 
وبعد هذه الدورية، في منتصف شهر أغسطس 69، تم القبض على أحد الجنود العاملين بقوات عين جالوت كان ثمة شك في سلوكه وكثرة غيابه، وبتفتيشه وجدنا معه خريطة تكشف القواعد التى نعمل بها، والمكان الذي ينام فيه عثمان، وبالتحقيق اتضح أنه جاسوس يعمل لحساب إسرائيل.
 
من مذكرات سيادة اللواء علي عثمان بلتك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى