وطنيات

ابطال منسيون عبدالوهاب رضا

أبطال منسيون

من حكايات 1967 الرائد طبيب عبد الوهاب رضا مبروك قائد المستشفي العسكري بشرم الشيخ ايام قليله قبل عدوان ١٩٥٦ حيث تقدمت قوات الجنرال دايان من محور دهب و قوات شارون من محور الطور بعد قصف جوي عنيف علي حاميه شرم الشيخ اعتبارا من ٢٩ اكتوبر و قد نالت المستشفي نصيبها من قصف لوجودها في احضان الجبل عند شرم المياه فظن الاستطلاع الجوي انها قياده الحاميه < حمت الجبال المستشفي من القنابل لكن اصيبت بالمدافع الرشاشه الثقيله مما

نتج عنه اصابه احد الممرضين و المساعدين الفنيين اثناء و جودهما بجوار والدي في غرفه العمليات. و لم يصاب هو في تدخل رباني!.

تم اسقاط احدي الطائرات و قفز الطيار و اصيب فنقل الي المستشفي.

 

و عندما بدأ الدكتور مبروك في علاجه قال له هل ستقتلني لاني كنت اقصف موقعك الان؟ فكانت الاجابه بالطبع لا ! اذن قل لي ما اسمك فقال عبد الوهاب فصرخ الطيار انت تمزح عبد الوهاب هذا مغني هذا ليس اسمك….هدأ ابي من روعه و قام بعلاجه و تضميد جراحه و تم نقله الي الغردقه بواسطه الزورق البحري المصري الذي انسحب الي هناك. و ما هي الا ساعات قليله حتي دخلت القوات الاسرائيليه الي شرم الشيخ بعد مقاومه يائسه و هبط دايان بطائره صغيره في المطار لكي يتفقد قواته و يبحث عن الطيار الاسير و ما هي الا دقائق و حتي وصل الي المستشفي و خاطب والدي بانجليزيه بها لكنه واضحه ” ماذا فعلت بالطيار؟ اذا كنت عالجته خطأ ساقتلك بنفسي! “كانت اجابه والدي واضحه و حاسمه ” لا تقلق انه بخير و تم عمل اللازم ” ففوجئ دايان بالرد ” انت الذي يجب ان تقلق!” فكان الرد سريعا ” انا لست قلقا” فتفرس دايان في و جهه ثم قال ” اذن ماذ تريد” اجاب ابي عندي جرحي في حالات حرجه احتاج لاجراء بعض العمليات ينقصني الاضاءه فقد دمرتم مولد الكهرباء “قال دايان” كم تحتاج من وقت ؟ اجاب ابي ٣٦ ساعه علي اقل تقدير! فامر دايان بتوفير سيارات بكشافات لاستعمال انوارها و استمرت العمليات الجراحيه ٣٦ ساعه تم نقل الجرحي مع افراد طاقم المستشفي الي ايلات بواسطه مركب حربي صغير و لكن هذه قصه اخري..

ابي قص علي هذه القصه بعد الحاح شديد عن ما حدث في شرم الشيخ و بالنسبه له ما حدث هو تصرف طبيعي يمليه عليه اخلاق المهنه و لم يكن هناك اي فكره اخرى راودته.

و قد تمكنت بعد محاولات عديده ان اعرف باقي القصه الغير عاديه التي رواها لي علي انها حدث عادي مر به و ان معاناته في الاسر كانت امر طبيعي و ان تأرجح الشعور بين الامل و اليأس لهو شيئ عادي.

اما عن تصرفات أسريه فماذا تتوقع من المنتصر غير ذلك؟ فالعنجهيه و الغطرسه هي امر متوقع.

لقد كانت تجربه الأسر تجربه فريده و مريره و رغم عن ذلك عدها هو تجربه نادره مر بها بشر قليل علي مستوى التاريخ.

لقد نظر ابي الي امور حياته كلها بهذه الفلسفه انه لكي تستطيع ان تمر بتجارب الحياه القاسيه يجب ان تلقي بهمومك خلف ظهرك و تقول دائما يا باسط!

القصه يجب ان تروي و الاحداث التي عدها هو عاديه في مجملها كلها غير عاديه و اليوم بعد 56 عام من عام 1956 و اختفاء معظم ابطال القصه من مسرح الحياه بقي ان نحول ما كتب في كتب التاريخ الي اشخاص و بشر .

 

و ان كنت قد اصررت علي اصطحاب ابي الي مقابر الشهداء بالغفير لكي نزور رفاقه الذين استشهدوا في شرم الشيخ ( تم دفنهم بجوار المستشفي و بعد العوده تم اعادتهم الي القاهره) فقد تذكرهم ابي و في كلمات قليله موجزه تحدث عن لحظات اخيره غاليه…..

 

كنا قد توقفنا عند اعداد الجرحي لنقلهم بالقارب الحربي الاسرائيلي الي إيلات و لكن قبل التطرق الي هذه القصه يجب ان نعود الي قبل دخول دايان الي شرم الشيخ و بالتحديد قبل هذا بأربعة و عشرين ساعه فقد اشتد القصف الجوي علي المواقع المصريه .

و كان هناك ملازم اول صيدلي اسمه عبد المنعم عرف عنه قبل الحرب شده إهماله و تأخره في العمل و كسله الشديد و كل دفاتره ينقصها النظام و عهدته دائماً منقوصه .

حتي ان والدي بعد ان يأس من إصلاحه فكر في محاكمته عسكريا .فجاه تحول هذا الصيدلي عند بدء القصف الي شعله نشاط و انضباط.

و تقدم الي والدي طالبا ان يشترك معه في تنظيم العمل و اسرع في تقسيم المستلزمات الطبيه الي مجموعات صغيره وزعها في المغارات و الكهوف حول المستشفي منعا لتدميرها في القصف و بدا في استكشاف المكان حول المستشفي و عثر علي مغاره كبيره نسبيا يمكن نقل الجرحي و افراد المستشفي عند اشتداد القصف.

و لم يكتف بذلك بل وقف في غرفه العمليات ليساعد والدي في الجراحه و نقل المرضي و تمريضهم.

كيف تخرج الحرب اسواء ما فينا و افضل ما فينا.

و كان بجوار المستشفي بطاريه مدفعيه مضاده للطائرات يقودها ملازم اول اسمه محمد احمد و كان هذا الشاب اليافع مثالا في الانضباط و الالتزام و قد احبه والدي لما رآه من أدب جم و حب جنوده له و لهذا الضابط نصيب في إسقاط الطائرة الاسرائيليه و اسر الطيار و لم يمض اقل من نصف ساعه حتي تمكنت الطائرات المغيرة من إسكات بطاريه محمد و لكنه نجي و ذهب الي المستشفي يسال ابي المشوره؟

فقال له ابي ابقي معنا ما يحدث لنا يحدث لك!”

و لكن يا أفندم ان مصيرنا سيكون الأسر ؟

فقال له و ما الحل الاخر ؟”

سأعود الي خطوطنا ساسير الي السويس !

فشل ابي في إقناعه في البقاء و زوده ببعض المؤن و تركه مسرعا في حماس الشباب محاولا اللحاق بأمل معدوم .

و عندما دخل دايان الي المستشفي طلب احد ضباطه من ابي تجهيز جماعه دفن للموتي تطوع الدكتور عبد المنعم لقيادتها فجمع كل شهدائنا و دفنهم بنفسه مع الجنود و قام بتحديد موقعهم بخريطة بالأسماء و بعد العودة من الأسر ذهب بنفسه و أعادهم الي القاهرة حيث تم دفنهم في مقابر الشهداء و كان اول من وجده د عبد المنعم هو جثمان الشهيد محمد احمد الذي رفض ان يأخذ أسيرا

كتبها/ استاذ دكتور عمرو مبروك

استاذ جراحات التجميل بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى