تاريخ ومزارات

مسجد ومدرسة السلطان حسن.. عندما تتحول الأحجار إلى أيقونة معمارية خالدة

أميرة جادو

في كل زاوية حجر من هذا الوطن، تروى حكاية محفورة لا تمحى، وعلى جدران المقابر والمعابد والقصور والمساجد، نسج المصريون في مختلف العصور سطورًا خالدة من تاريخهم العريق، ومن معابد الجنوب الشاهقة، إلى القصور الخديوية في القاهرة، ومن بين جدران المتاحف التي تضم كنوز الحضارات، تبرز ملامح هوية متجذرة في الأرض والوجدان، ومن بين تلك المعالم البارزة: مسجد ومدرسة السلطان حسن.

معمار ضخم وتاريخ ممتد

وبحسب ما جاء ورد على الموقع الرسمي لوزارة السياحة والآثار، يعد مسجد ومدرسة السلطان حسن من أعظم المنشآت الإسلامية في مصر من حيث الضخامة والارتفاع، بناه السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال الفترة الممتدة من عام 757هـ (1356م) وحتى عام 764هـ (1362م).

ويقع المبنى عند نهاية شارع محمد علي، مقابل جامع الرفاعي بميدان صلاح الدين، وقد شيد في موضع كان يضم قصر الأمير الطنبغا المارداني والأمير يلبغا اليحياوي.

تخطيط فريد وزخرفة مبهرة

تم تصميم المدرسة على نمط الإيوان، حيث يتوسطها صحن كبير تعلوه فوارة مياه، وتتعامد عليه أربعة إيوانات، وتفتح أبواب الصحن على أربع مدارس فرعية، خصصت كل واحدة منها لتدريس مذهب من المذاهب الفقهية الأربعة.

كما تضم كل مدرسة صحنًا وإيوانًا بالإضافة إلى حجرات سكنية للطلاب، إلى جانب ملحقات خدمية ومئذنتين.

ما يميز هذه المدرسة روعة الزخارف الحجرية والجصية، خاصة في الأشرطة الكتابية التي نفذت بخط كوفي دقيق، إلى جانب الزخارف النباتية والهندسية التي تزين محراب الإيوان الرئيسي ومحراب القبة. أما المنبر الرخامي، فهو تحفة فنية تضم مقرنصات وشرافات وأعمدة مدمجة، ويغلق بضلفتي باب خشبي مصفح، وتكمل التحفة دكة المبلّغ الرخامية ودكة المقريء المصنوعة من حشوات هندسية متقنة على هيئة أطباق نجمية.

الحصن ومساحة العبادة

ويضم المسجد صحنًا (فناء) أوسط مكشوف تتوسطه فوارة، محاطًا بأربعة إيوانات، وهي مساحات مستطيلة مغلقة من ثلاثة أضلاع، ومفتوحة من الضلع الرابع.

وفي زوايا الصحن توجد أربعة أبواب تؤدي إلى المدارس الأربعة الخاصة بالمذاهب الفقهية، وتحتوي كل مدرسة على صحن وإيوان وخلاوي سكنية للطلاب، إلى جانب مئذنتين وملحقات خدمية.

استخدام عسكري ودور تاريخي

ونظرًا لموقعه القريب من القلعة، فقد استخدم مسجد السلطان حسن كحصن دفاعي، حيث كانت تطلق المجانق من فوق سطحه باتجاه القلعة خلال الفتن بين أمراء المماليك البرجية، وكحال العديد من المعالم الإسلامية في القاهرة، خضع المسجد للترميم والتجديد على مدى القرون وحتى القرن العشرين.

والجدير بالذكر أن هذا المسجد المهيب هو روعة قببه وزخارفه المذهلة، وتصميمه المعماري الفريد الذي يجمع بين الفخامة والدقة، من الزخارف الكوفية الدقيقة إلى الأعمال الرخامية الساحرة، في مشهد معماري نادر يعكس عظمة فنون العمارة الإسلامية في العصر المملوكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى