عادات و تقاليد

تعرف على طقوس الاحتفال برأس السنة الأمازيغية.. وهذا موعدها

تشهد احتفالات رأس السنة الأمازيغية، التي توافق 13 يناير من كل عام، طقوسًا وعادات متوارثة عبر أجيال طويلة، في أجواء عائلية دافئة تتخللها أنشطة ثقافية وفنية متنوعة، ويقطن الأمازيغ رقعة جغرافية واسعة تمتد من واحة سيوة غرب مصر شرقًا، وصولًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالًا حتى الصحراء الكبرى جنوبًا.

ويحيي الأمازيغ في المغرب، شأنهم شأن نظرائهم في دول شمال إفريقيا وأمازيغ العالم، رأس السنة الأمازيغية من خلال استحضار عاداتهم وتقاليدهم، خاصة في مجالي الطبخ واللباس، وتختلف تسمية هذه المناسبة من منطقة إلى أخرى داخل المغرب، حيث تعرف أحيانًا بـ”إيض يناير” أي ليلة يناير، أو “حاكوزة”، أو “إيض اسكاس”.

ورغم أن احتفالات السنة الأمازيغية ارتبطت تاريخيًا بالدورة الفلاحية والنشاط الزراعي الذي مارسه الأمازيغ منذ آلاف السنين، فإن هذه الطقوس خرجت في السنوات الأخيرة من نطاق القرى والجبال، حيث يتركز الوجود الأمازيغي تقليديًا، إلى الفضاءات الحضرية والمدن الكبرى.

احتفالات رأس السنة الأمازيغية بصبغة عائلية

كما يستقر الأمازيغ في المغرب بعدد من المناطق الشمالية وجبال الأطلس، وتشير معطيات الإحصاء العام للسكان الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط خلال عام 2024 إلى أن 25% من المغاربة يتحدثون اللغة الأمازيغية.

ورغم تنوع مظاهر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية من منطقة إلى أخرى، فإن الطابع العائلي يظل القاسم المشترك بين مختلف هذه الاحتفالات.

وفي منطقة الأطلس المتوسط، تنطلق مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة في مدينة خنيفرة شمال البلاد منذ الأيام الأولى من شهر يناير، حيث تعرض المحلات الأزياء التقليدية المحلية الصنع.

وتكتسي احتفالات رأس السنة الأمازيغية طابعًا اجتماعيًا ذا أبعاد رمزية وتاريخية، إذ تحرص السلطات المحلية على تنظيم فعاليات ثقافية وفنية احتفاءً بهذه المناسبة.

طقوس احتفالية متوارثة

كما تشهد بعض البلدات القريبة من خنيفرة احتفالات جماعية على مستوى القبيلة، حيث تحضر الوجبات التقليدية وتقام طقوس احتفالية وفق أعراف اجتماعية متوارثة، تشمل نصب خيام كبيرة وتقديم أطباق محددة مثل كسكس “أفتال” المعروف بسيد الأطباق.

أما في منطقة الريف شمالًا، فتسود أجواء الفرح والتآزر وتجديد الروابط الاجتماعية في مدن وبلدات عدة، من بينها الحسيمة وشفشاون.

الارتباط بالأرض

وفي هذا الإطار، أكد الباحث في التاريخ والثقافة الأمازيغية شريف أدرداك، في حديثه لوكالة “الأناضول”، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يعد في جوهره احتفالًا بالسنة الفلاحية، باعتبار أن المجتمع الأمازيغي في الأساس مجتمع زراعي ورعوي. ويوضح أن عددًا كبيرًا من القبائل الأمازيغية كان يعيش حياة الترحال، مثل قبائل صنهاجة وزناتة.

وقد توارث الأمازيغ هذه الاحتفالات منذ مئات السنين، باعتبارها مناسبة للتعبير عن التمسك بخيرات الأرض والتطلع إلى موسم فلاحي أكثر خصوبة وإنتاجًا.

وفي مدينة أكادير والمناطق المجاورة لها وسط البلاد، تحرص الأسر على إحياء هذه المناسبة بطرق متعددة، لا سيما من خلال إعداد الأطعمة التقليدية وارتداء أزياء متنوعة، كما تقبل العديد من العائلات على تحضير أطباق مثل “أوركيمن” و”تاكلا” و”بركوكش”، وهي أكلات ترتبط بالأرض والمنتوج الفلاحي، إلى جانب ارتداء اللباس الأمازيغي الذي يعكس الانتماء الجغرافي بألوانه المميزة، خاصة الأحمر والأصفر.

وأشار “أدرداك”، إلى أن الأمازيغ يعدون من الشعوب الأصلية التي تتمسك بتراثها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها، لافتًا إلى أن هذا التشبث يرتبط بتعرض الأمازيغ في مراحل سابقة من التاريخ لما وصفه بـ”التمييز العنصري والعنف الرمزي والمادي”، موضحًا أن الشعوب التي تواجه مثل هذا العنف تطور وعيًا جماعيًا وتضامنًا هوياتيًا، وهو ما يفسر تمسك الأمازيغ بالعديد من الطقوس والعادات المتوارثة.

وأضاف “أدرداك”، أن أبرز ما يميز الاحتفالات الحالية هو انتقالها من الوسط القروي والجبلي، الذي يعد الموطن الأصلي للأمازيغ، إلى المجال الحضري.

الاحتفال بالسنة الأمازيغية أسبوع كامل

كما أوضح “أدرداك”، أنه قبل الاعتراف باللغة الأمازيغية سنة 2011، واعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، كان الأمازيغ في القرى والجبال يحتفلون بهذه المناسبة لمدة تقارب أسبوعًا كاملًا.

وحسب المتحدث ذاته، بدأت الجمعيات والأحزاب والنقابات في تنظيم احتفالات ومبادرات متنوعة بهذه المناسبة في مدن عدة، من بينها طنجة والعرائش وتطوان شمالًا، والرباط والدار البيضاء غربًا.

وأشاد “أدرداك”، بهذا التحول من القرى إلى المدن، معتبرًا إياه قفزة نوعية في مسار القضية الأمازيغية، ودليلًا واضحًا على تنامي وعي المغاربة بأهمية صون الثقافة والهوية الأمازيغية.

والجدير بالذكر أن دستور المغرب لسنة 2011 نص على اعتبار الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، كما قررت المملكة في مايو 2023 اعتماد رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مدفوعة الأجر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى