وطنيات

اعترافات موشيه ديان التي أحرجت إسرائيل وكشفت حجم الهزيمة في حرب أكتوبر

 

تظل ذكرى نصر السادس من أكتوبر كابوسا ثقيلا في ذاكرة قادة إسرائيل سياسيا وعسكريا، فقد عاشوا لحظات صعبة ودوّنوا اعترافات قاسية عن تلك الحرب التي كبدهم الجيش المصري خسائر فادحة منذ اللحظة الأولى لقرار القيادة المصرية بعبور قناة السويس، هذه الشهادات المسجلة للتاريخ ما زالت تفضح الهزيمة الساحقة، على الرغم من كل محاولات تل أبيب المستمرة لتزييف الحقائق والادعاء بأنها صاحبة نصر مزعوم.

اعترافات موشيه ديان

ومن بين هذه الشهادات شهادة الرجل الثاني في إسرائيل وقتها، موشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي خلال حرب 1973، الذي اعترف بوضوح في مذكراته التي حملت عنوان مذكرات موشيه ديان، حيث دوّن تفاصيل الساعات الأولى من الحرب وصدمته من قوة الإعداد المصري لعبور القناة، كما وصف الهزيمة التي تعرضت لها إسرائيل بأنها كانت مذلة، مؤكدا أن شهادته تعد ردا مباشرا على محاولات تشويه الانتصار المصري بعد عقود من الحرب.

في بداية اعترافاته، أكد موشيه ديان أن الهجوم المصري السوري المشترك جاء بمثابة مفاجأة صاعقة لإسرائيل، فقد شنت القوتان هجوما منظما بكفاءة فاقت كل التقديرات التي وضعها الجيش الإسرائيلي أثناء وضع خططه العسكرية، وأشار إلى أن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية اعتقدت أن مصر وسوريا لا تستعدان للحرب، رغم النشاط العسكري الملحوظ على الجبهتين، لذلك اندلعت حرب يوم كيبور في اليوم الوحيد الذي لم يكن الإسرائيليون يتوقعون فيه حدوث أي مواجهة.

وأوضح ديان أن اليوم الأول من القتال كان صعبا للغاية على إسرائيل، حيث تكبدت خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات، وفقدت مواقع استراتيجية بالغة الأهمية، وأشار إلى أن القوات المصرية باغتت الجيش الإسرائيلي بقصف مدفعي مكثف، ثم عبرت قناة السويس على طول الجبهة باستخدام الزوارق المطاطية والجسور، بل إن بعض الجنود المصريين عبروا القناة سباحة، وهو ما زاد من دهشته وإحساسه بالخطر.

وسرد ديان تفاصيل عن حجم المعدات التي نقلها المصريون إلى الضفة الشرقية من القناة في أقل من 12 ساعة من اندلاع المعركة، فحتى منتصف الليل كان المصريون قد حركوا 300 دبابة من أصل 2200 دبابة إلى شرق القناة، بالإضافة إلى 848 مدفع ميدان غطت الجبهة بالكامل، وأكد أن المصريين خصصوا لكل ميل خمسين مدفعا مضادا للدبابات، بينما لم يتجاوز مجموع ما امتلكه الجيش الإسرائيلي في تلك المنطقة 276 دبابة و48 مدفعا ميدانيا فقط، مشيرا إلى أن الهجوم المصري كان قويا وشمل مئة ألف مقاتل في مواجهة 8500 جندي إسرائيلي فقط.

ولم يخف ديان اندهاشه من تجهيزات الجندي المصري الذي كان يحمل صواريخ ستريلا السوفيتية المحمولة على الكتف ضد الطائرات، مؤكدا أنه شعر بالقلق الشديد عندما أدرك حجم المكاسب التي حققها المصريون في وقت قصير، فقد تمكنوا من العبور وإقامة الجسور ونقل المدرعات والمشاة في مشهد اعتبره ضربة موجعة لإسرائيل.

واعترف وزير الدفاع الإسرائيلي أن جيشه فشل في منع عبور المصريين، وأكد أن الإسرائيليين لم يتكبدوا خسائر طفيفة فقط بل فقدوا مواقعهم الحصينة على القناة، التي تحولت إلى مصائد قاتلة لجنودهم، وأقر بأن الجيش لم يستطع إجبار المصريين على التراجع إلى الضفة الغربية مرة أخرى.

لحظات الصدمة التي عاشها داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية

وتحدث ديان عن لحظات الصدمة التي عاشها داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية، حيث شعر بالفجوة بينه وبين باقي الوزراء الذين لم يستوعبوا حديثه عن نجاح المصريين في تدمير خط بارليف، ذلك الخط الذي اعتبره العالم حصنا منيعا، لكنه أشار إلى أن اقتحام المصريين له كان بمثابة نصر معنوي أعاد لهم كبرياءهم.

كما كشف ردود الفعل داخل اجتماع الحكومة عندما أخبرهم بالموقف العسكري على الجبهة، موضحا أنه صدم جولدا مائير رئيسة الوزراء وباقي الوزراء عندما أعلن أنه لا يظن أن إسرائيل قادرة على دفع المصريين مرة أخرى غرب القناة، وكانت هذه الصدمة أكبر بعدما أكد رئيس الأركان في نفس اليوم أن لدى الجيش القدرة على رد المصريين، وهو ما أثبتت الأحداث بطلانه بعد يومين فقط من الحرب.

وتطرق ديان في مذكراته إلى تأثير الهزيمة على حياته الشخصية، قائلا إن حرب يوم الغفران سيطرت على داخله بشكل كامل وحولته إلى إنسان يعيش بين القلق والحزن، وأضاف أن هذه كانت الحرب الرابعة بالنسبة له بعد حرب 1948 ومعركة سيناء 1956 وحرب 1967، لكنه اعتبر حرب أكتوبر مختلفة تماما لأنها لم تكن مجرد حرب صعبة بل كانت جوا قاسيا لا يشبه أي معركة سابقة، مؤكدا أن نوعية المقاتل العربي تطورت كثيرا، وأن الجندي المصري في هذه الحرب أثبت معرفته القتالية الحديثة وإتقانه استخدام سلاحه، وهو ما جعل الجيش الإسرائيلي يواجه خصما مختلفا تماما عما اعتاد عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى