قبيلة اليانومامي أسرار الحياة البدائية وطقوس الموت الفريدة

في قلب غابة الأمازون وعلى الحدود البرازيلية الفنزويلية، تعيش قبيلة اليانومامي منذ أكثر من 15 ألف عام، وهي واحدة من أقدم القبائل التي حافظت على نمط حياتها البدائي، حيث يعتمد رجالها على الصيد البدائي، بينما تتولى النساء أعمال الزراعة، ولكن أكثر ما يثير الدهشة هو طقوسهم الفريدة في التعامل مع الموتى، حيث يقومون بحرق جثثهم ثم إعداد حساء غريب المكونات، إذ يتم خلط رماد الرفات مع حساء الموز في طقس تعبدي يعتقدون أنه يضمن للموتى الوصول إلى الجنة.
تاريخ قبيلة اليانومامي
يسكن أفراد القبيلة في أعماق الغابات المطيرة الممتدة على طول حوض نهر أورينوكو في فنزويلا وشمال البرازيل، حيث يعتقد أنهم هاجروا عبر مضيق بيرينغ بين آسيا وأمريكا منذ آلاف السنين حتى استقروا في الأمازون، واليوم يعيش نحو 38 ألف فرد فقط من اليانومامي بعدما تعرضوا للمجاعات والإبادة والحروب التي اجتاحت أراضيهم عبر العصور.
تمتد أراضي القبيلة على مساحة شاسعة، حيث تبلغ مساحتها في البرازيل أكثر من 9.6 مليون هكتار، وفي فنزويلا تصل إلى 8.2 مليون هكتار، وينقسم اليانومامي إلى أربعة تجمعات قبلية، لكل منها لغة خاصة بها، كما أنهم يسكنون في أكواخ مصنوعة من القش وأوراق الأشجار، وعادة ما يتم نقل القرى عندما تفقد التربة خصوبتها أو تصبح مهددة من القبائل الأخرى.
من بين المعتقدات الغريبة لدى اليانومامي، أنهم يرون أن دفن الموتى أمر خطير، لذلك يلجأون إلى طريقة غير مألوفة، حيث يتم لف جثة المتوفى في أوراق الشجر وتركها لتتحلل بفعل الحشرات، ثم بعد مرور نحو 45 يومًا، يتم جمع الرفات وهرسها، ليتم في النهاية خلط مسحوق العظام مع حساء الموز وتناوله من قبل أفراد عائلة المتوفى، في اعتقاد منهم أن ذلك يضمن انتقال الروح إلى الجنة.
لا تقتصر غرابة عادات هذه القبيلة على طقوس الموت فقط، بل تمتد إلى قوانينها المجتمعية الصارمة، إذ تفرض القبيلة على كل امرأة أن يكون مولودها الأول ذكرًا، وإذا أنجبت أنثى، يتم التخلص منها حتى تنجب صبيًا، وبعد ذلك يسمح لها بالاحتفاظ بجميع أطفالها سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، كما أن تعدد الزوجات مسموح به في القبيلة، لكن الزوجة الأولى تحتفظ بمكانتها كالمسيطرة داخل الأسرة مهما بلغ عدد الزوجات الأخريات.
اليانومامي ليسوا مجرد قبيلة معزولة، بل هم مجتمع متكامل تحكمه قوانين وعادات متوارثة، تعكس مدى ارتباطهم العميق بالطبيعة وإيمانهم بعالم ما بعد الموت، وبينما تتغير الحياة من حولهم، يظل اليانومامي محتفظين بتقاليدهم التي تجعلهم واحدًا من أكثر الشعوب غموضًا في العالم.