قدسه الفراعنة.. حكاية الوشق المصري الذي “نهش لحم” الجنود الإسرائيليين على الحدود

أميرة جادو
لا تزال حادثة مهاجمة حيوان الوشق البري المفترس جنود الاحتلال الإسرائيلي على الحدود المصرية، تحظى باهتمام بالغ لدى الشارع العربي، لتتحول إلى واحدة من أكثر الأخبار تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، وتساء الكثيرون من هو هذا الحيوان الغامض الذي اجتاح المشهد فجأة؟ وأين يعيش تحديدًا؟
ما هو الوشق المصري؟
وفي هذا الإطار، كشف الدكتور عبد الناصر أحمد حسين، رئيس قسم علم الحيوان بجامعة جنوب الوادي في مصر، أن الوشق ينتمي إلى فصيلة السنوريات البرية، ويعرف أيضًا بـ”النمر الصغير” نسبة إلى شراسته وقدرته العالية على الصيد.
وأشار الدكتور عبد الناصر، إلى أن الفراعنة أبدوا اهتمامًا خاصًا بهذا الحيوان في عصورهم القديمة، حيث كان يعد من الحيوانات التي تحظى بمكانة خاصة، موضحًا أن الوشق من الثدييات آكلة اللحوم، لكنه لا يمانع أحيانًا التهام النباتات، وعند بلوغه حالة الجوع الشديد، يفضل افتراس الثدييات الصغيرة والزواحف وحتى الثعابين.
ينتمي للسنوريات المتوسطة الحجم
والجدير بالإشارة أن الوشق المصري يصنف من السنوريات متوسطة الحجم، ويمتلك قدرة فائقة على الصيد بفضل سرعته التي تصل إلى نحو 80 كيلومترًا في الساعة، ويفضل هذا الحيوان العيش في المناطق الجافة والصحراوية، حيث يعتمد بشكل رئيسي في غذائه على الأرانب والقوارض، إلا أنه لا يتردد في مهاجمة فرائس أكبر حجمًا مثل الغزلان.
يفترس الحيوانات والطيور
ووفقًا لما ذكرته مجلة “Egyptian Geographic” العلمية المتخصصة، فإن الوشق المصري يمتاز بقدرات استثنائية في التسلق والقفز لمسافات طويلة، ما يعزز فرصته في اصطياد الطيور والحيوانات التي تعيش فوق الأشجار.
ويصل الوشق المصري إلى مرحلة النضج الجنسي بعد عام واحد من ولادته، ويميل للعيش بمفرده أو مع شريك فقط. أما أنثى الوشق، فتلد عادة ما بين 1 إلى 6 صغار، وتعتني بهم حتى يبلغوا عمر ثلاثة أشهر تقريبًا.
يستطيع العيش دون ماء
وفي سياق متصل، أكد “الخبراء”، أن الوشق المصري بطبيعته حيوان انعزالي، سواء اختار العيش في الغابات أو الصحارى، كما ينتشر في عدد من دول إفريقيا، وعلى رأسها مصر، ويعرف عنه أنه لا يظهر عدوانيته إلا إذا تم استفزازه أو التعدي عليه، سواء من قبل الحيوانات الأخرى أو البشر.
كذلك يعتبر الوشق من الحيوانات الإقليمية، إذ يقوم بالسيطرة على منطقة معينة ويدافع عنها من أي دخيل، ورغم طبيعته الانعزالية، إلا أنه في بعض الحالات قد ينضم إلى جماعات.
ويجدر الإشارة أن هذا الحيوان قادر على الاستغناء عن الماء لفترات طويلة، حيث يحصل على معظم حاجته من السوائل من خلال فرائسه التي يصطادها، وينظر إليه كرمز للقوة والرشاقة، حيث كان المصريون القدماء يزخرفون جدران معابدهم برسوماته لما عرف عنه من شراسة وقوة بدنية مهيبة.
محارب من مصر القديمة
حظى الوشق مكانة عظيمة في الحضارة الفرعونية، حيث خلدت صورته في العديد من التماثيل والمنحوتات القديمة، ما يعكس الاحترام الكبير الذي حظي به في تلك الحقبة. وتوضح هذه النقوش أن الوشق كان يصور كحارس لمقابر الفراعنة، إذ كان يعتقد أنه يحميها من الأرواح الشريرة والأفاعي.
الوشق حيوان مقدس عند الفراعنة
ومن جهته، أكد عالم الآثار سليم حسن، في موسوعته الشهيرة حول الحضارة المصرية، أن الوشق كان حيوانًا مقدسًا يحظى بتقدير المصريين القدماء، ويصور كمقاتل شجاع يواجه الأفاعي ويقطع رأس الفوضى عند شجرة الإيشد، التي ارتبطت بفكرة الخلود والحياة الأبدية.
وبدوره، لفت مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية، إلى أن الرسوم الفرعونية أبرزت الوشق كرمز للقوة والذكاء، مؤكدًا على وجود صوره في العديد من جدران المعابد، حيث يظهر دائمًا وهو يهاجم رأس الفوضى، ما يعكس نظرة المصريين له كحامٍ وكمحارب جسور.