قبيلة كونسو الإثيوبية: عادات غريبة وثقافة فريدة في قلب أفريقيا
قبيلة كونسو الإثيوبية: عادات غريبة وثقافة فريدة في قلب أفريقيا
تعد قبيلة كونسو إحدى القبائل المميزة في إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، وتقيم في منطقة وادي نهر أومو، التي تمثل نقطة اتصال بين إثيوبيا وكينيا. تقع هذه المنطقة التاريخية التي تحوي أقدم آثار بشرية في العالم، حيث تم اكتشاف العديد من الحفريات والمعدات الحجرية التي تعتبر أساسية لدراسة تطور الإنسان، وتعود أقدم آثارها إلى 2.4 مليون عام.
نهر أومو، الذي يمتد طوله إلى 760 كيلومترًا، يعد شريان الحياة لهذه القبيلة، حيث يمر عبره من منطقة شوا في إثيوبيا إلى بحيرة توركانا على الحدود الكينية. وتقدر أعداد سكان قبيلة كونسو بحوالي 4593 نسمة وفقًا لإحصاء 2005، وتقع منطقتهم ضمن إقليم شعوب جنوب إثيوبيا، الذي يضم أكثر من 80 قومية ذات أصول متنوعة. تعتبر المواقع الأثرية في قرية كونسو من أبرز المعالم السياحية التي سجلت ضمن التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو.
حياة بدائية وتجارة بمقايضة
الكونسو قبيلة ذات نمط حياة بدائي يعتمد على الزراعة ورعي الماشية، بالإضافة إلى تربية النحل. يشتهر أفراد القبيلة بتنظيم أسواق أسبوعية، حيث يتبادلون السلع ويشترون حاجياتهم الأساسية من الطعام والملابس. ورغم أن القبيلة لم تعرف النظام النقدي المتعارف عليه، إلا أن التبادل التجاري يتم عبر المقايضة، حيث يُعتبر البقر عنصرًا حيويًا في حياتهم، ويشكل مصدر دخلهم وثرائهم. لا يغيب عن أسواقهم الإقبال على الزينة المصنوعة من الخرز والنحاس والفضة، حيث يعكس ذلك جزءًا من تراثهم الثقافي.
كرم الضيافة وحسن الاستقبال
من أبرز سمات قبيلة كونسو هو الترحيب الحار بالزوار. سواء كان الزائر من أجانب أو قبائل أخرى، يلقى الترحيب والاستقبال بكل سرور. يحرص أهل كونسو على تعريف الزوار بعاداتهم وتقاليدهم، ويعتنون بمشاركة طعامهم وحكاياتهم. مما يجعل هذه الزيارة تجربة فريدة لكل من يزورهم. بل يقدرون الهدايا البسيطة التي يقدمها الزوار مثل الزينة أو بقايا الطعام، وهو ما يعكس ثقافة الضيافة والتسامح لديهم.
الأبقار: ثروة الحياة وحماية الأراضي
وغي هذا السياق قال هاشم علي حامد محمد كاتب وباحث في شؤون القرن الأفريقي، أن الأبقار لدى قبيلة كونسو تعتبر ثروة حيوية تتجاوز كونها مجرد مصدر للغذاء. فهي جزء أساسي من حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، حيث تستخدم في الاحتفالات الاجتماعية والزواج. تحرص القبيلة على حماية ماشيتها باعتبارها إرثًا غاليًا، كما يتمسك أفرادها بأرضهم على الرغم من وعورتها وصعوبة التضاريس التي يعيشون فيها بين الجبال والوديان.
عادات غريبة في الزواج والزينة
كما تشتهر قبيلة كونسو بعادات غريبة في الزواج والزينة، حيث لا يعد الزواج تقليديًا في إطار واحد. يُعتبر الزواج أمرًا اجتماعيًا يتطلب وجود أغراض معينة مثل البقر كجزء من المهر. كما تتزين نساء القبيلة بقطع من الخشب على شفاههن لتكبيرها، بينما يتزين الرجال بألوان وأشكال غريبة تتشابه مع بيئتهم الطبيعية. وهو ما يعكس تعلقهم العميق بالطبيعة.
معتقدات وثقافة فريدة
الكونسو يعبرون عن معتقدات وثنية تتعلق بالموت والحياة الأخرى. يعتقدون أن الموتى يعيشون حياة خاصة في العالم الآخر، لذلك يصنعون دمى خشبية وأشكالًا تذكر الأحياء بالأموات، ويضعونها في الأماكن العامة والمقابر كنوع من التكريم والذكرى. كما يقومون بنحت أعمدة خشبية أو حجرية على شكل تماثيل تخلد الزعماء وتحتفظ بذكراهم في الثقافة المحلية. هذه التقاليد الفريدة أدرجت ضمن التراث العالمي من قبل اليونسكو عام 2011.
أسلوب الحياة وعادات الطعام
يستهلك أفراد قبيلة كونسو حبوب الذرة، إلى جانب مشروبات مخمرة من نبات “السورغوم” ولحاء الأشجار. ويشمل طعامهم اللبن ودم البقر، وهي عادة تشترك فيها عدة قبائل في المنطقة. أما في مجال المظهر، فيعتبرون الأجسام الضخمة والشجاعة أمرًا مثاليًا، حيث يُنظر إلى الرجال ذوي البطن الكبيرة كرمز للقوة.
الزواج في سن مبكرة والتعدد
يتزوج فتيان كونسو في سن مبكرة، حيث يبدأ معظمهم حياتهم الزوجية في سن الـ 15. ويتميزون بتعدد الزوجات، ولا يشترط أن يعيش جميع الزوجات في منزل واحد. ورغم التأثر بالديانات التبشيرية، تظل المعتقدات الوثنية هي السائدة بين أفراد القبيلة، وهو ما يعكس تمسكهم بهويتهم الثقافية والاجتماعية.