تاريخ ومزارات

معبد رمسيس الثاني في أم الرخم: أعجوبة فرعونية في قلب الساحل الشمالي

أسماء صبحي – تشتهر مدينة مرسى مطروح بسحر شواطئها وهدوئها الطبيعي. إلا أن ما يجهله كثيرون أن المدينة تخفي بين كثبانها الرملية آثارًا فرعونية ذات قيمة حضارية هائلة. لعل أبرزها معبد رمسيس الثاني في منطقة أم الرخم، الذي يعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام. وهذا المعبد لا يمثل فقط تجليًا للهندسة المعمارية الفرعونية، بل هو أيضًا دليل على مدى اتساع نفوذ مصر القديمة نحو الغرب.

معبد رمسيس الثاني

شيد المعبد في عهد الملك رمسيس الثاني (1279 – 1213 ق.م)، أحد أعظم ملوك مصر القديمة. وقد تم بناؤه لتخليد ذكرى انتصاراته ولتأكيد السيادة المصرية على الحدود الغربية. كما يتميز المعبد بتصميمه التقليدي الذي يضم صالة أعمدة وغرف داخلية تحوي نقوشًا لطقوس دينية ومشاهد تظهر الملك رمسيس يقدم القرابين للآلهة. ومن أبرز ما تم العثور عليه في المعبد:

  • نقوش باسم رمسيس الثاني محفورة على جدران الحجر الجيري.
  • لوحات تصور الملك وهو يرفع يده في هيئة الصلاة أمام المعبود آمون.
  • بقايا تماثيل محطمة تشير إلى تدمير جزئي تعرض له الموقع بفعل الزمن أو غارات قديمة.

وتم اكتشاف المعبد لأول مرة في عام 1942 على يد عالم الآثار المصري الدكتور لبيب حبش. وقد أكدت الدراسات اللاحقة أن هذا المعبد هو أحد المراكز الدينية القليلة في الصحراء الغربية التي ارتبطت بشكل مباشر بعهد رمسيس الثاني.

وقال الدكتور محمد عبد البديع، رئيس الإدارة المركزية للآثار المصرية، إن معبد أم الرخم يعيد رسم خريطة نفوذ الدولة المصرية القديمة. كما إن وجود معبد بهذا الحجم في غرب البلاد يعد دليلًا على التوسع السياسي والعسكري للفراعنة في الصحراء الغربية.

الأهمية الثقافية والاستراتيجية للمكان

لم يكن بناء المعبد في هذا الموقع اعتباطيًا، بل جاء في إطار خطة استراتيجية للسيطرة على الممرات الغربية المؤدية إلى ليبيا. حيث كان المعبد يستخدم كمحطة استراحة ومركز ديني للقوافل المتجهة غربًا. ما يعكس دور مصر القديم في إدارة الحدود عبر معابد محصنة.

ورغم الأهمية التاريخية للموقع، لا يزال معبد أم الرخم يعاني من قلة الترميم والدعم السياحي. كما أثرت الظروف البيئية القاسية مثل الرياح والرطوبة على النقوش والأعمدة. ما يتطلب تدخلًا عاجلًا لحماية الموقع من التدهور.

وفي هذا السياق، قال الباحث الأثري أحمد حسين: “نأمل في أن يدرج معبد رمسيس الثاني في أم الرخم ضمن أولويات وزارة السياحة والآثار في مشروعات الترميم الجديدة. لأنه يعد من الكنوز المهملة في الصحراء الغربية.

ولا توفر زيارة معبد رمسيس الثاني في أم الرخم تجربة تاريخية فريدة فقط، بل أيضًا فرصة للتواصل مع الجذور العميقة للحضارة المصرية خارج وادي النيل. كما أن قرب الموقع من شواطئ مطروح يجعله نقطة جذب محتملة للمزج بين السياحة الشاطئية والثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى