الولي مصطفى السيد: رائد الكفاح الصحراوي ومؤسس جبهة البوليساريو

أسماء صبحي
في أعماق الصحراء الغربية، حيث الرمال الممتدة والسماء المفتوحة. ولد أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في تاريخ النضال الصحراوي وهو الولي مصطفى السيد. ولم يكن مجرد قائد سياسي أو عسكري، بل كان رمزًا لفكر تحرري عميق. دفع بقضية الصحراء الغربية إلى صدارة المشهد الإقليمي والدولي.
نشأة الولي مصطفى السيد
ولد الولي عام 1948 في منطقة “السمارة”، وتلقى تعليمه الأساسي في الجنوب المغربي قبل أن يلتحق بالجامعات المغربية حيث درس الفلسفة والقانون. وتميز بشغفه بالقضايا السياسية وميله الواضح للدفاع عن حقوق الشعوب المستعمرة. كما يعرف عنه تأثره بأفكار التحرر الوطني التي اجتاحت أفريقيا وأميركا اللاتينية في ستينات القرن الماضي.
في 10 مايو 1973، قاد الولي مجموعة من الشباب الصحراويين في تأسيس “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” المعروفة اختصارًا بـ جبهة البوليساريو. وكان الهدف المعلن هو مقاومة الاستعمار الإسباني وتحقيق تقرير المصير للشعب الصحراوي. وقد قاد أول عملية عسكرية ضد مواقع إسبانية بعد أيام من التأسيس.
إعلان الجمهورية الصحراوية
بعد انسحاب إسبانيا عام 1975 ودخول المغرب وموريتانيا إلى الصحراء الغربية. أعلن الولي في فبراير 1976 قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ليصبح أول رئيس لها. وتميزت قيادته بالحزم والتنظيم، حيث ركز على بناء جيش التحرير الصحراوي وهيكل سياسي مؤسسي رغم ضراوة الحرب.
استشهد الولي في 9 يونيو 1976 خلال عملية عسكرية ضد مواقع موريتانية في العاصمة نواكشوط. ولم يتجاوز عمره 28 عامًا، لكنه خلف إرثًا لا ينسى في الوجدان الصحراوي. حيث ظلت كلماته وأفكاره نبراسًا لقادة الجبهة وأجيالها الجديدة.
وقال الدكتور محمد سيداتي، عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو، إن الولي مصطفى السيد لم يكن زعيمًا عاديًا، بل كان قائدًا ذا فكر استراتيجي ورؤية مستقبلية. كما ترك منظومة فكرية وتنظيمية لا تزال تؤسس لاستمرار كفاح الشعب الصحراوي حتى اليوم.
واستطاع الولي أن يخرج القضية الصحراوية من بعدها المحلي إلى محافل دولية. حيث تم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية من أكثر من 80 دولة كما أصبحت عضوة كاملة في الاتحاد الأفريقي. ويحسب له خلق توازن بين العمل السياسي والدبلوماسي من جهة، والمقاومة المسلحة من جهة أخرى.