النبي إبراهيم وبناء الكعبة.. وما هي قصة الحجر الأسود؟
أميرة جادو
أوحى رب العزة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام ببناء البيت العتيق، فبحسب رواية سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن الله تعالى أرشد إبراهيم إلى مكانه، فالكعبة مكانها تحت عرش الرحمن تحديدا، ففي كل سماء بيتا يُعبد الله تعالى فيه، كالكعبة بالنسبة لأهل الأرض.
وقال السدّي أنه الله تعالى لما أمر إبراهيم وإسماعيل ببناء البيت الحرام، لم يعرفوا أين مكانه، حتى بعث الله تعالى ريحا يقال له “الخجوج”، له جناحان ورأس حية، فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس.
قصة الحجر الأسود
وعندما وصل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إلى الأساس وبنيا الركن، قال إبراهيم لإسماعيل “يا بني، اطلب لي حجرا حسنا أضعه ها هنا”، فرد إسماعيل “يا أبت، إني كسلان تعب”، فقال إبراهيم “عليّ ذلك”، فانطلق إسماعيل يبحث عنه، وفي ذلك الوقت جاء جبريل إلى إبراهيم بالحجر الأسود من الهند، كان قد هبط به آدم عليه السلام من الجنة، وكان لونه أبيض مثل الياقوتة البيضاء، لكنه أصبح أسودا من خطايا الناس.
فلما رجع إسماعيل إلى أباه إبراهيم بالحجر، فوجد الحجر الأسود عند الركن، فقال “يا أبت، من جاءك بهذا؟”، فرد إبراهيم “جاء به من هو أنشط منك”، فأكملا البناء وهما يرددان الدعاء الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز “رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”.
ظلت آثار قدم إبراهيم واضحة على الحجر الأسود حتى بداية العصر الإسلامي، وبقي الحجر ملتصقا بحائط الكعبة كما كان منذ القدم إلى أيام عمر بن الخطاب، حيث قام بتأخيره عن البيت قليلًا حتى لا يشغل المصّلين الطائفين بالبيت الحرام.
إعادة بناء الكعبة
بقيت الكعبة لمدة طويلة على نفس الهيكل أو البنيان الذي بناه إبراهيم، ثم أعادت قريش بناءها، فقصرت بها عن قواعد إبراهيم من جهة الشمال، وفي الصحيحين من حديث مالك عن ابن شهاب عن ابن عمر عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ألم تر أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم؟ فقلت يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ فقال لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت”، وقيل في رواية أخرى “لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية أو بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها الحجر”، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما بنى ابن الزبير الكعبة في أيامه كما أراد رسول الله، كما أخبرته به خالته عائشة رضي الله عنها، لكن عندما قتله الحجاج في عام 73 للهجرة، كتب إلى الخليفة آنذاك عبدالملك بن مروان، أن الزبير فعل ذلك من تلقاء نفسه، فردّوها إلى ما كانت عليه، وهدموا الحائط الشاميّ، وأخرجوا منها الحجر الأسود، ثم قاموا بسد الحائط وردم الأحجار في جوف الكعبة، فارتفع بابها الشرقي وسدّوا الغربي بالكلية، كما هو مشاهد إلى اليوم.