
كتبت – شيماء طه – عادات رمضان في مصر ليس مجرد وقت للصيام والعبادة، بل هو احتفال يمتد عبر الزمن بعادات وتقاليد تراثية تعكس الهوية الثقافية للمجتمع المصري.
فمن زينة الشوارع وفوانيس الأطفال إلى صوت المسحراتي وموائد الرحمن، تتوارث الأجيال هذه الطقوس التي تخلق أجواءً فريدة تجمع بين الروحانية والبهجة.
فانوس رمضان: رمز الفرح والتراث
الفانوس هو أحد أكثر رموز رمضان انتشارًا في مصر. وتعود جذوره إلى العصر الفاطمي، عندما خرج المصريون لاستقبال الخليفة المعز لدين الله ليلاً حاملين المشاعل والفوانيس.
أنواع الفوانيس:
الفانوس التقليدي: مصنوع من النحاس والزجاج الملوّن.
الفانوس الحديث: بلاستيكي ومزود بأغاني رمضانية.
ورغم انتشار الفوانيس المستوردة، ما زالت ورش صناعة الفوانيس في حي السيدة زينب بالقاهرة تحافظ على هذا التراث.
المسحراتي: إيقاع الطبلة ونداء الإيمان
المسحراتي هو شخصية رمضانية مميزة، يجوب الشوارع وقت السحر لإيقاظ الناس لتناول السحور. يستخدم طبلة صغيرة يضرب عليها بإيقاع مميز، وينادي بأسماء سكان الحي، خاصة الأطفال الذين ينتظرون صوته بفرح.
أشهر نداءات المسحراتي:
«اصحى يا نايم وحد الدايم»
«السحور يا عباد الله»
رغم التطور التكنولوجي، لا تزال الأحياء الشعبية تحتفظ بهذه العادة التراثية، خاصة في المناطق القديمة مثل الحسين وخان الخليلي.
موائد الرحمن: كرم المصريين في رمضان
تُعد موائد الرحمن من أبرز صور التكافل الاجتماعي في رمضان. ترجع جذورها إلى العصر الطولوني، حيث كان أحمد بن طولون يقيم موائد الإفطار للفقراء.
تنتشر الموائد في جميع أنحاء مصر، خاصة في المناطق الشعبية، ويشارك فيها الجميع، بغض النظر عن اختلافاتهم، في مشهد يجسد روح المحبة والتآخي.
زينة رمضان: لوحات فنية من صنع الأطفال
مع اقتراب رمضان، تتزين الشوارع بالحبال الملوّنة والزينة الورقية، التي يصنعها الأطفال يدويًا بمشاركة الكبار.
أشهر المناطق المعروفة بزينة رمضان:
حي السيدة زينب في القاهرة.
الأسواق الشعبية في الإسكندرية.
المناطق التراثية في أسوان والأقصر.
تُعد الزينة مظهرًا من مظاهر البهجة التي تتناقلها الأجيال، وتعكس روح التعاون بين الجيران.
حلوى رمضان: مذاق التراث على الموائد
لا يكتمل رمضان في مصر دون الحلويات التقليدية التي تحمل عبق الماضي.
أشهر الحلويات الرمضانية:
الكنافة والقطايف: عُرفت في العصر الفاطمي، وتتفنن الأسر المصرية في إعدادها.
المشبك والزلابية: من الحلويات الشعبية التي تُقدَّم بعد الإفطار.
وتشهد محلات الحلويات زحامًا كبيرًا في رمضان، خاصة في المناطق التراثية مثل الحسين والسيدة زينب.
مدفع الإفطار: صوت ينتظره الجميع
“مدفع الإفطار.. اضرب!”، جملة ترسخت في وجدان المصريين. تعود بداية إطلاق مدفع الإفطار إلى العصر المملوكي عندما أطلق المدفع عن طريق الخطأ وقت المغرب، فاعتبرها الناس إشارة للإفطار.
ورغم إستبداله بالإذاعة والتلفزيون، إلا أن صوت المدفع ما زال حاضرًا في ذاكرة المصريين، خصوصًا في المناطق القريبة من القلاع الأثرية مثل قلعة صلاح الدين.
ليلة رؤية الهلال: فرحة البداية
تبدأ أجواء رمضان في مصر بليلة رؤية الهلال، حيث يخرج المصريون في مواكب إحتفالية بعد إعلان دار الإفتاء رؤية الهلال.
مظاهر الإحتفال:
التجمع أمام المساجد الكبرى.
ترديد الأناشيد الدينية.
توزيع الحلوى على الأطفال.
عادات رمضان في مصر حديثة مستوحاة من التراث
مع تطور الزمن، ظهرت بعض العادات الحديثة المستوحاة من التراث، مثل “الخيم الرمضانية” التي تقدم الأكلات المصرية التقليدية مع البرامج الترفيهية.