تاريخ ومزارات

عبد الله بن المبارك.. العالم المجاهد والتاجر الذي جمع بين العلم والزهد والشجاعة والسخاء

كان عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي شخصية فريدة جمعت بين علوم الشريعة، الزهد، التجارة، والجهاد في سبيل الله، فكان مثالًا للعالم العامل الذي أفنى حياته بين الأسفار، متنقلًا بين الحج والجهاد والتجارة. جامعًا الحديث والفقه واللغة والتاريخ، وعرف بشجاعته وكرمه، مما جعله من أبرز أعلام عصره، حيث نشأ في خراسان وكان موته في هيث بالعراق.

من هو عبد الله بن المبارك

جاء في كتاب “وفيات الأعيان” لابن خلكان أن عبد الله بن المبارك، الذي كنيته أبو عبد الرحمن. كما كان من كبار العلماء والزهاد، وتتلمذ على يد كبار الفقهاء مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس. حتى أنه روى عن مالك كتاب “الموطأ”، واشتهر بانقطاعه عن الناس، وحبه للخلوة، وورعه الشديد، وهي صفات ورثها عن أبيه الذي كان نموذجًا للطهارة والنقاء.

كما حكيت قصة عن والده عندما كان يعمل في بستان لمولاه، فطلب منه سيده رمانًا حلوًا، فجلب له ثمرة كانت حامضة، فغضب مولاه وطلب منه أخرى، فقدمها فوجدها أيضًا حامضة. وتكرر الأمر ثلاث مرات، فتعجب منه وسأله: كيف لا تميز الحلو من الحامض؟ فأجابه: “لأني لم أذقها أبدًا”، وعندما سأله مولاه عن السبب، قال: “لأنك لم تأذن لي”، فانبهر مولاه بورعه وتقواه، فزوجه ابنته. ويقال إن الله بارك له في ابنه عبد الله بسبب صلاح والده. وهناك روايات أخرى تنسب القصة إلى العابد الزاهد إبراهيم بن أدهم، وهو ما ذكره الطرطوشي في كتابه “سراج الملوك”.

“color: #ff0000;”>شخصيته

كان ابن المبارك صاحب رؤية واضحة في تقدير الصحابة، فقد سئل ذات يوم: “أيهما أفضل: معاوية بن أبي سفيان أم عمر بن عبد العزيز؟”، فأجاب قائلاً: “والله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بن عبد العزيز بألف مرة، صلى معاوية خلف النبي فقال: سمع الله لمن حمده، فقال معاوية: ربنا ولك الحمد، فما بعد هذا؟”.

كما كان لابن المبارك هيبة عظيمة بين الناس، حتى أن الخليفة هارون الرشيد عندما زار الرقة، وجد أن الأهالي يتدافعون لملاقاة عبد الله بن المبارك، وامتلأت الطرقات بالجموع حتى تطاير الغبار وتقطعت النعال من كثرة المشي، فشاهدت أم ولد هارون الرشيد ذلك المنظر من نافذة القصر، فسألت عما يحدث، فأخبروها أن عبد الله بن المبارك قد وصل، فقالت معجبةً: “هذا والله الملك، لا ملك هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشرط وأعوان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى