مدينة شبام حضرموت: أقدم ناطحات السحاب الطينية في العالم
أسماء صبحي – تعد مدينة شبام واحدة من أعظم الشواهد على الهندسة المعمارية الفريدة في العالم العربي. حيث تعرف بلقب “مانهاتن الصحراء” بسبب مبانيها الطينية الشاهقة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 500 عام. كما تقع المدينة في محافظة حضرموت باليمن، وتعد من أقدم المدن التي استخدمت الطين في بناء ناطحات السحاب. ما جعلها تدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1982.
تاريخ مدينة شبام
تأسست المدينة في القرن الـ16 الميلادي، وكانت مركزًا تجاريًا وحضريًا هامًا في جنوب الجزيرة العربية. حيث كانت نقطة توقف رئيسية للقوافل التجارية التي تعبر الصحراء. كما تميزت بتصميمها الفريد الذي يهدف إلى حماية السكان من الفيضانات والهجمات القبلية. حيث تم بناء المدينة على هضبة مرتفعة محاطة بأسوار لحمايتها.
وتشتهر شبام بناطحات السحاب الطينية، حيث تحتوي على حوالي 500 مبنى بنيت من الطوب الطيني المجفف تحت أشعة الشمس. وتصل ارتفاعاتها إلى 7 طوابق، وهو ما يجعلها واحدة من أقدم المدن في العالم التي استخدمت البناء العمودي بهذا الأسلوب. كما يتم تجديد هذه المباني بشكل دوري باستخدام تقنيات البناء التقليدية للحفاظ على متانتها. وأبرز مكونات المدينة:
- المنازل الطينية: بنيت المنازل من الطين والتبن، وهي مصممة لتحمل الظروف المناخية القاسية. حيث توفر العزل الحراري ضد الحرارة الشديدة في النهار والبرودة في الليل.
- المساجد التاريخية: تحتوي المدينة على عدة مساجد قديمة، مثل مسجد الجمعة، الذي يعد أحد أقدم المساجد في حضرموت.
- الأسواق التقليدية: لا تزال أسواق المدينة تحتفظ بطابعها القديم. حيث تباع فيها المنتجات المحلية مثل التوابل والتمور والعسل الحضرمي الشهير.
جهود الترميم
تعاني شبام من تحديات عدة، أبرزها التآكل بسبب العوامل المناخية، وتأثير الفيضانات. بالإضافة إلى النزاعات المسلحة التي تهدد سلامتها. ورغم ذلك، تعمل منظمة اليونسكو مع السلطات المحلية على مشاريع ترميم تهدف إلى إعادة بناء المنازل المتضررة باستخدام نفس تقنيات البناء التقليدية.
ويقول الدكتور عبدالله باعباد، الباحث في التاريخ اليمني، إن مدينة شبام ليست مجرد مدينة قديمة، بل هي معجزة معمارية سبقت عصرها. كما إن طريقة تصميمها تظهر عبقرية المهندسين اليمنيين القدامى. وهي نموذج للتكيف مع البيئة الصحراوية بوسائل طبيعية دون الحاجة إلى تقنيات حديثة.
وتجذب شبام العديد من السياح والباحثين في الهندسة المعمارية، حيث يمكن للزوار استكشاف الأزقة الضيقة والمنازل الطينية العالية، المتاحف الصغيرة التي تعرض أدوات الحياة اليومية القديمة، بالإضافة إلى تجربة تسلق أحد المباني للحصول على إطلالة بانورامية على المدينة والصحراء المحيطة بها.



