تاريخ ومزارات

حكاية “مقصوفة الرقبة” زينب البكرية.. من “عشيقة نابليون” للإعدام

أميرة جادو

تحمل الأمثال الشعبية خلاصة التجارب الإنسانية التي تناقلتها الأجيال، لتعبر عن مواقف حياتية مختلفة، وما زلنا حتى يومنا هذا نرددها في مواقفنا اليومية، وفي كتابه “أصل الحكاية”، الصادر حديثًا عن دار غراب للنشر والتوزيع، يسلط الباحث في التراث خطاب معوض خطاب الضوء على أصول العديد من الأمثال الشعبية، موثقًا تاريخها وقصصها الأصلية.

“زي القرع يمد لبره”

يقال هذا المثل الشعبي لمن يقدّم المساعدة والإحسان للغرباء بينما يهمل أقاربه الذين هم في أمس الحاجة إليها، ويوضح خطاب معوض أن هذا المثل لا يقتصر على مصر، بل تردده شعوب عربية أخرى بعبارات مختلفة، مثل المثل الكويتي “الشجرة العوجة بطاطها في غير حوضها”، والمثل العراقي “تقوقي عندنا وتبيض عند الجيران”. إضافة إلى تعبيرات مشابهة مثل “خيره لغيره” و”خيرنا لغيرنا”.

أما عن أصل المثل، فالقرع هو نبات يعرف أيضًا باسم الدباء، وله فروع زاحفة لا تستطيع حمل ثماره الكبيرة. مما يؤدي إلى نموها خارج حدود حوضه. ورغم أن نباتات أخرى مثل البطيخ والشمام والخيار والقرع العسلي تشترك في هذه الخاصية، إلا أن المثل التصق تحديدًا بالقرع وحده.

“مقصوفة الرقبة”.. القصة الحقيقية لزينب البكرية

تستخدم عبارة “مقصوفة الرقبة” في اللهجة العامية لوصف الفتاة التي تخرج عن التقاليد والأعراف الاجتماعية، ويعود أصلها إلى حادثة تاريخية هزت مصر قبل أكثر من 220 عامًا. عندما أعدمت فتاة لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها، وهي زينب البكرية، ابنة الشيخ خليل البكري، نقيب الأشراف.

علاقة زينب البكرية بالحملة الفرنسية

تزامنت حكاية زينب مع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798، حيث وقع مشايخ الأزهر هدنة مع نابليون بونابرت، وقام الشيخ خليل البكري، الذي كان يسعى للنفوذ. بطلب منصب نقيب الأشراف بعد نفي الشيخ عمر مكرم إلى الشام. ومع مرور الوقت، ازداد ارتباطه بالفرنسيين حتى أصبح بيته مقرًّا لسهرات نابليون.

وسط هذا الجو، نشأت زينب البكرية، وتخلّت عن الحجاب تقليدًا لنساء الفرنسيين، فبدأت الشائعات تطاردها، خاصة مع ترددها على معسكرات الجيش الفرنسي، حتى أطلق عليها لقب “النسخة المصرية من جوزفين”، زوجة نابليون.

نهاية مأساوية.. حكم بالإعدام بلا أدلة قاطعة

مع خروج الحملة الفرنسية من مصر عام 1801، بدأت محاكمات المتعاونين معهم، وكانت زينب البكرية على رأس المتهمين. لم يثبت عليها أي فعل يوجب الحد، ولم توجد أدلة قاطعة ضدها. إلا أن مجرد خلعها للحجاب وخروجها على الأعراف كانا كافيين لإدانتها.

وأمام المحكمة، أعلنت زينب توبتها، لكن والدها تبرأ منها، فصدر الحكم بقصف رقبتها، لتكون ضحية والدها الذي أسلمها للفرنسيين أولًا، ثم تخلى عنها عندما انقلبت الأمور. ومنذ ذلك الحين، أصبح اسم “مقصوفة الرقبة” مضربًا للمثل في كل من تخرج عن التقاليد. حتى وإن لم تثبت عليها جريمة حقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى