حاتم الأصم: حكيم الزهد وصاحب المواعظ الخالدة
حاتم بن علوان، المعروف بحاتم الأصم (توفي عام 237 هـ). كما كان من أبرز مشايخ خراسان ومن تلاميذ شقيق البلخي. كما أنه أستاذ أحمد بن خضرويه. لقبه “الأصم” جاء بعدما تصامم عن موقف معين، فاكتسب هذا الاسم.
من هو حاتم الأصم
وصفه ابن خلكان في كتابه “وفيات الأعيان” بأنه “لقمان هذه الأمة”، فقد اشتهر بحكمته ومواعظه البليغة. من أبرز أقواله في التوكل:
“بنيت أمري على أربع خصال: علمت أن رزقي لا يأكله غيري فاطمأنت نفسي. وعلمت أن عملي لا يعمله غيري فشغلت به، وعلمت أن الموت يأتي بغتة فأسرعت في الاستعداد له، وعلمت أني لا أخلو من عين الله فأصبحت مستحيياً منه.”
كان حاتم يعلم أن الاستقامة تقوم على أربعة أمور: التفقه، التوكل، الإخلاص، والمعرفة. كما كان يؤكد أهمية مراقبة النفس في ثلاث حالات: أثناء العمل بذكر نظر الله، وعند الكلام بذكر سمع الله، وفي الصمت بذكر علم الله.
كما اشتهر حاتم أيضًا بزهده، فكان يقول: “لي أربع نسوة وتسعة أولاد، ومع ذلك لم يطمع الشيطان في أن يوسوس لي بشأن أرزاقهم”. تعلم من شقيق البلخي ست خصال جوهرية. منها التوكل على الله في الرزق، واتخاذ الخير صديقًا، ومعاداة إبليس وجنوده، والتخلص من الحسد، وتجهيز القبر بالعمل الصالح.
كان حاتم الأصم له لقاء مع الإمام أحمد بن حنبل، حيث سأله الأخير عن كيفية التخلص من الناس، فأجابه حاتم:
“أعطهم مالك ولا تأخذ من أموالهم. اقض حقوقهم ولا تستقض حقوقك، تحمل أذاهم ولا تكرههم على شيء، وليتك تسلم، ورحل حاتم عن الدنيا عام 237 هـ، تاركًا إرثًا من الحكمة والمواعظ التي لا تزال تلهم الأجيال حتى اليوم.