
كتبت – شيماء طه – يعد الخليل بن أحمد الفراهيدي من أعظم علماء اللغة العربية في التاريخ، فهو المؤسس الحقيقي لعلم العروض، الذي وضع قواعده لضبط أوزان الشعر العربي، كما يُنسب إليه أول معجم عربي، وهو “كتاب العين”.
كما أسهم في تطوير الدراسات اللغوية والنحوية، وكان له تأثير كبير على اللغة والشعر العربي حتى يومنا هذا.
حياته ونشأته
ولد الخليل بن أحمد الفراهيدي عام 718م (100هـ) في عمان، ونشأ في البصرة، التي كانت آنذاك مركزًا علميًا وثقافيًا بارزًا. تتلمذ على يد كبار العلماء، مثل أبو عمرو بن العلاء، وتأثر بالمدرسة النحوية البصرية، التي كانت تهتم بضبط اللغة وتقعيدها.
إسهاماته العلمية
1– تأسيس علم العروض
يعتبر الفراهيدي أول من وضع قواعد علم العروض، وهو العلم الذي يهتم بدراسة أوزان الشعر العربي وبحوره المختلفة.
كما اعتمد في نظريته على إيقاعات الألحان العربية والموسيقى، فقام بتصنيف البحور الشعرية إلى خمسة عشر بحرًا، وأضاف تلميذه الأخفش الأوسط البحر السادس عشر لاحقًا. ساهم هذا العلم في حفظ الشعر العربي وضبط موسيقاه، مما جعل الفراهيدي رائدًا في هذا المجال.
2- تأليف معجم “العين”
يعد “كتاب العين” أول معجم لغوي عربي في التاريخ، حيث اتبع فيه منهجًا فريدًا قائمًا على ترتيب الكلمات وفقًا لمخارج الحروف، مبتدئًا بحرف العين، ومن هنا جاءت تسمية الكتاب. يظهر هذا المعجم براعة الفراهيدي في فهم أصوات اللغة العربية وتحليلها بطريقة علمية لم يسبقه إليها أحد.
3- إسهاماته في النحو واللغة
شارك الفراهيدي في تطوير علم النحو العربي، وكان له دور مهم في تلاميذ مدرسة البصرة النحوية، ومن أبرزهم سيبويه، الذي تأثر كثيرًا بآراء أستاذه الفراهيدي، خاصة في كتابه الشهير “الكتاب”. كما وضع بعض المصطلحات اللغوية التي لا تزال تستخدم حتى اليوم.
صفاته وأخلاقه
عرف الفراهيدي بالزهد والتواضع، فكان يعيش حياة بسيطة رغم مكانته العلمية الكبيرة. رفض العديد من العروض المالية من الخلفاء، مفضلاً العلم والزهد على المال والسلطة. كان متفرغًا للعلم والبحث، مما ساعده على تحقيق إنجازاته الفريدة.
وفاته
توفي الخليل بن أحمد الفراهيدي عام 786م (170هـ) في البصرة، ويقال إنه توفي أثناء تفكيره في مسألة لغوية داخل المسجد. ترك إرثًا علميًا هائلًا، ولا تزال نظرياته وقواعده تدرّس في الجامعات والمعاهد اللغوية حتى اليوم.
يظل الفراهيدي رمزًا للعبقرية العربية، فقد أرسى قواعد علمية في مجالات اللغة والشعر، مما جعل تأثيره ممتدًا عبر العصور.
إن جهوده في تطوير اللغة العربية وحفظ أوزان الشعر جعلت منه أحد أعظم علماء العصر الإسلامي، واسمه لا يزال حاضرًا في كل دراسة لغوية أو أدبية تُجرى حتى اليوم.