المزيدتاريخ ومزاراتحوارات و تقارير
أخر الأخبار

«الثأر في صعيد مصر» تاريخ متجذر بين العُرف والتغيير

كتبت – شيماء طه – يعد الثأر في صعيد مصر ظاهرة إجتماعية متجذرة في الثقافة الصعيدية منذ مئات السنين، حيث إرتبط بمفاهيم الشرف والكرامة والولاء للعائلة.

ورغم الجهود المتواصلة من الدولة والمجتمع المدني للحد من هذه الظاهرة، إلا أن جذورها العميقة في الوجدان الشعبي تجعل مواجهتها تحديًا مستمرًا.

الجذور التاريخية للثأر

كما يعود تاريخ الثأر في صعيد مصر إلى العصور القديمة، حيث كان النظام القبلي هو السائد، وحكمت المجتمعات وفقًا للأعراف والعادات. وكان الثأر يعتبر آلية لحفظ التوازن والردع، إذ كان ينظر إلى قتل فرد من العائلة على أنه اعتداء على شرف القبيلة بأكملها، ويصبح القصاص ضرورة لإستعادة الكرامة.

خلال الفترات المتعاقبة، استمر هذا التقليد، وبرز بشكل واضح في العصر العثماني وبعده، إذ كان غياب الدولة المركزية وضعف السلطة أحيانًا يؤديان إلى انتشار الثأر كوسيلة لضبط التوازن الإجتماعي في غياب القانون.

أسباب استمرار ظاهرة الثأر:

1. الانتماء العائلي والقبلي: في الصعيد، يعتبر الانتماء للعائلة والقبيلة عنصرًا جوهريًا في حياة الفرد. والثأر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفاهيم الشرف والكرامة العائلية.

2. ضعف الوعي القانوني في الماضي: كان الاعتماد على القانون العرفي أكثر شيوعًا من اللجوء إلى القضاء الرسمي. ما جعل العائلات تلجأ إلى الثأر كحل سريع.

3. البيئة الثقافية والاجتماعية: تغذي بعض الأمثال الشعبية والأعراف المحلية فكرة ضرورة الانتقام لاستعادة الكرامة.

دور الحكومة والمجتمع في مواجهة الثأر:

كما شهدت العقود الأخيرة جهودًا مكثفة من الدولة لمكافحة هذه الظاهرة، عبر تعزيز سيادة القانون، نشر الوعي المجتمعي. علاوة على تنفيذ مبادرات المصالحات العرفية برعاية شيوخ القبائل والقيادات الأمنية والدينية.

المصالحات العرفية:


بينما لعبت جلسات المصالحة دورًا بارزًا في الحد من ظاهرة الثأر، إذ يجتمع كبار العائلات مع القيادات الأمنية والدينية. ويتم التوصل إلى حلول سلمية، غالبًا ما تتضمن “الكفن” كرمز للتسامح وإنهاء النزاع.

على الرغم من التراجع النسبي في معدلات الثأر بفضل الجهود الرسمية والشعبية، إلا أن القضاء عليه نهائيًا يتطلب استمرار العمل على ترسيخ ثقافة القانون، وتعزيز الوعي المجتمعي، إلى جانب دعم التنمية في المناطق الريفية التي تعاني من الفقر والجهل، وهما بيئتان خصبتان لاستمرار مثل هذه الظواهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى