تاريخ ومزارات

أحمد بن بلا.. قائد الثورة الجزائرية ورمز الكفاح الوطني

في قرية مرنية قرب وهران بالجزائر، ولد أحمد بن بلا، أول رئيس للجمهورية الجزائرية وأحد أبرز قادة الثورة الجزائرية. لكنه كان يعتقد أن مولده كان في قرية مغنية بين عامي 1916 و1918. بدأ تعليمه في مدرسة ابتدائية بقريته قبل أن ينتقل إلى تلمسان لمتابعة دراسته الثانوية.

من هو أحمد بن بلا

كما كان  والده من مدينة مراكش المغربية، ينتمي إلى قبيلة “عرش أولاد سيدي الرحال”، وقد اضطر للهجرة إلى مغنية لأسباب خاصة. أما والدته، فهي ابنة عمه، هاجرت من مراكش إلى مغنية بحراً في أواخر القرن التاسع عشر، تجنباً لمخاطر الطرق البرية.

بدأ وعي بن بلا السياسي في سن مبكرة خلال دراسته الثانوية، حيث كان يشعر بوضوح بوجود هوية جزائرية متميزة عن الفرنسيين، وكان يرى فيهم مستعمرين بينما هو وأقرانه مسلمون أصحاب حق في أرضهم. تعمق هذا الوعي مع دعمه لثورة الأمير عبد الكريم الخطابي ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني. وكانت قراءته لكتاب “تاريخ العرب” لغوستاف لوبون، رغم حظره، محطة مؤثرة في مسيرته الفكرية.

كما خدم في الجيش الفرنسي خلال فترة التجنيد الإجباري، وهناك ازداد شغفه بالقراءة السياسية، حيث اطلع على مؤلفات الأمير شكيب أرسلان وزعماء مسلمين آخرين. خلال هذه المرحلة، تواصل مع حزب الشعب الجزائري لكنه لم ينضم إليه رسمياً حينها. بعد إنهاء خدمته العسكرية عام 1945، بدأ نشاطه السياسي الفعلي في مغنية مع عبد القادر بركة.

تعرض للاعتقال عام 1950، وقضى عامين في السجن بتهمة تأسيس منظمة سرية تهدد أمن الدولة. وبعد الإفراج عنه في 1952، سافر إلى القاهرة، حيث كرس حياته للثورة الجزائرية، مستفيداً من الدعم الذي قدمته مصر بقيادة ثورة يوليو 1952، حيث وصف العلاقة بين الثورتين بأنها كانت قائمة على الأخوة والنضال المشترك.

كما قاد بن بلا ثورة نوفمبر 1954 ضد الاحتلال الفرنسي، معتبراً أنها لم تكن عملاً عفوياً، بل امتداداً لنضال طويل بدأ منذ عام 1926، حين أسس حزب “نجم شمال إفريقيا” في فرنسا، ثم حمل حزب الشعب الجزائري الراية في الثلاثينات، مطالباً باستقلال الجزائر الذي وعدت به فرنسا مقابل تجنيد الجزائريين والمغاربة في الحرب ضد ألمانيا النازية.

نضاله 

في 1947، سمحت فرنسا لحزب الشعب بالعمل علناً بعد قمع دامٍ شهدته الجزائر، كان أبرزها مجزرة مايو 1945 التي راح ضحيتها أكثر من 45 ألف جزائري. رغم الترخيص، احتفظ الحزب بجناحه السري الذي واصل تنظيمه تحت قيادة الشباب الثوري، حيث بدأت تدريبات الكشافة المسلمين الجزائريين تأخذ طابعاً عسكرياً في إطار التحضير للثورة المسلحة.

انطلقت الثورة الجزائرية في نوفمبر 1954 بقرار اتخذ في 25 يوليو من العام نفسه، في اجتماع بمدينة الجزائر ضم 22 قائداً، منهم محمد بوضياف والعربي بن مهيدي ويوسف زيغوت ومراد ديدوش. أما بن بلا، فكان خارج الجزائر في تلك الفترة، متخفياً بجواز سفر مزور يحمل اسم مزياني مسعود.

بعد انتصار الثورة، انتُخب بن بلا أول رئيس للجزائر المستقلة. لكن حكمه لم يدم طويلاً، إذ أطيح به في انقلاب عسكري عام 1965 بقيادة العقيد هواري بومدين، وأودع السجن مع عدد من رفاقه.

في السجن، تزوج عام 1970 من الصحفية الجزائرية زهرة، التي كانت في البداية من معارضيه، لكنها تحولت إلى داعمة لقضيته بعد لقائه. قضت معه في السجن سبع سنوات، ورُزقا خلال هذه الفترة بابنتيهما مهدية ونورية، بينما وُلد ابنهما علي بعد خروجه من السجن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى