المزيدحوارات و تقارير
أخر الأخبار

الزهراوي رائد الجراحة في العصر الإسلامي

كتبت – شيماء طه – في تاريخ الطب والجراحة، هناك أسماء غيرت مسار العلم وأسهمت في تأسيس قواعده، ومن بين هؤلاء العلماء العظام يأتي أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي، الذي يعرف بلقب “أبو الجراحة الحديثة”. كان الزهراوي من أوائل الأطباء الذين وضعوا منهجًا علميًا للجراحة، وابتكر أدوات وتقنيات لا تزال تستخدم في الطب الحديث.

حياته ومسيرته العلمية

ولد الزهراوي في مدينة الزهراء بالأندلس في القرن العاشر الميلادي، ونشأ في بيئة علمية مزدهرة حيث كانت الأندلس مركزًا للعلوم في العالم الإسلامي. درس الطب والجراحة في قرطبة، وأصبح طبيبًا بارعًا متخصصًا في العمليات الجراحية الدقيقة.

كان شغوفًا بالتعلم والملاحظة، واهتم بتوثيق كل تجربة يجريها، ما جعله يؤلف أعظم موسوعته الطبية “التصريف لمن عجز عن التأليف”، الذي أصبح حجر الأساس لعلم الجراحة لعدة قرون.

إنجازاته في الجراحة والطب

كما يعد الزهراوي أول من وضع أسس الجراحة الحديثة، حيث كان سبّاقًا في إجراء عمليات معقدة، مثل تفتيت حصوات المثانة، وعلاج الخلع، والجراحة التجميلية، وعمليات الولادة القيصرية.

كما كان رائدًا في استخدام الخيوط الجراحية القابلة للذوبان، المصنوعة من أمعاء الحيوانات، وهو ابتكار ما زال يستخدم حتى اليوم.

ابتكاراته في الأدوات الجراحية

لم يكن الزهراوي مجرد طبيب، بل كان أيضًا مهندسًا مبتكرًا، حيث اخترع أكثر من 200 أداة جراحية، على سبيل المثال المشرط، والمقص الجراحي، والملاقط، والمشابك الجراحية، والتي رسمها بدقة في موسوعته الطبية.

كان من أوائل الأطباء الذين استخدموا الكي الكهربائي من أجل وقف النزيف، وهي تقنية تستخدم اليوم في العمليات الجراحية الحديثة.

تأثيره في أوروبا والعالم

كما حظيت أعمال الزهراوي بتقدير واسع في أوروبا، حيث ترجم كتابه “التصريف” إلى اللاتينية، وأصبح مرجعًا أساسيًا يدرّس في الجامعات الأوروبية لعدة قرون. استفاد الجراحون الغربيون من أساليبه، واستمرت تأثيراته في عالم الطب حتى عصر النهضة.

إرثه العلمي والإنساني

لم يكن الزهراوي مجرد جراح، بل كان إنسانًا حريصًا على تطوير المهنة الطبية وتحسين حياة المرضى. ركز في كتاباته على أخلاقيات الطب، وضرورة التعامل مع المرضى برحمة وإنسانية، مما يعكس نبل رسالته الطبية.

بينما بفضل عبقريته وابتكاراته، أصبح الزهراوي أحد أعظم الجراحين في التاريخ، وأسهم في تأسيس علم الجراحة الحديث. لم تقتصر إسهاماته على عصره، بل مازالت أعماله تدرَّس حتى اليوم، ما جعله رمزًا خالدًا في تاريخ الطب الإسلامي والعالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى