ذكرى انتفاضة 1946.. كيف أشعلت حادثة كوبري عباس فتيل الثورة ضد الاحتلال البريطاني؟

تحل اليوم الذكرى الـ79 على إعلان اللجنة العامة للعمال والطلبة المصريين الدعوة إلى إضراب عام ضد الاحتلال البريطاني، ردًا على حادثة كوبري عباس التي وقعت في 9 فبراير، كما جاء إعلان الإضراب في 21 فبراير 1946 ليشعل احتجاجات عارمة امتدت في أنحاء البلاد، وكانت بداية لموجة نضالية جديدة في مواجهة القوات البريطانية.
طلاب مصر يشعلون الغضب الشعبي في ميدان التحرير
انطلق الإضراب العام يوم 21 فبراير بقيادة الطلاب الذين واجهوا سلطات الاحتلال البريطاني في ميدان التحرير، حيث أطلقت القوات البريطانية النار عليهم، مما دفع الطلاب إلى حرق أحد المعسكرات البريطانية. تصاعدت الأحداث بسرعة. وامتدت الثورة الطلابية إلى أسيوط جنوبًا والإسكندرية شمالًا. مما أسفر عن سقوط 28 قتيلًا و432 جريحًا، في مشهد بطولي يجسد كفاح المصريين ضد الاستعمار.
“يوم الجلاء”.. عندما وقف العمال والطلبة في وجه الاحتلال
استجابة لهذه الأحداث، أعلنت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة عن إضراب عام يوم 21 فبراير، عرف فيما بعد باسم “يوم الجلاء”. شهد هذا اليوم خروج حوالي 100 ألف متظاهر في الشوارع، كان من بينهم 15 ألف عامل من شبرا الخيمة، حيث لعب عمال النسيج دورًا محوريًا في الحراك الشعبي. واجهت قوات الاحتلال الجموع المحتشدة بوحشية، وأسفر القمع البريطاني عن سقوط 23 شهيدًا و121 مصابًا، مما زاد من إصرار المصريين على المقاومة.
“يوم الشهداء”.. إضراب يشعل ثورة عارمة في المحافظات
لم يهدأ الغضب الشعبي، فدعت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة إلى إضراب عام ثانٍ في 4 مارس، عرف باسم “يوم الشهداء”. ورغم محدودية المظاهرات داخل القاهرة، إلا أن الإسكندرية والمحلة الكبرى شهدتا اشتباكات دامية بين المتظاهرين والقوات البريطانية، سقط خلالها 28 شهيدًا و342 جريحًا. أصيبت الحياة في مصر بالشلل الكامل. حيث أغلقت المصانع والمتاجر والمدارس، كما كان الإضراب الأكبر في المحلة الكبرى. حيث توقف 25 ألف عامل في شركة مصر للغزل والنسيج عن العمل.
ميدان التحرير يشهد مذبحة بريطانية بحق المتظاهرين
كما تواصلت المظاهرات في مختلف المحافظات، وانضم لها جميع فئات الشعب. لكن قوات الاحتلال البريطاني واجهت المتظاهرين بوحشية مفرطة، خاصة في ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليًا). حيث استخدمت السيارات المدرعة لقمع المحتجين، مما أسفر عن سقوط 23 قتيلًا و121 مصابًا.كما انتشرت عدوى الاحتجاجات في مختلف أرجاء مصر، كما عم الحداد الوطني أرجاء البلاد، حتى تم توقيع معاهدة صدقي–بيفن. التي جاءت محاولة لاحتواء الغضب الشعبي دون تحقيق المطالب الوطنية الكاملة.
ملحمة بطولية سطرها المصريون
لم تكن أحداث فبراير ومارس 1946 مجرد احتجاجات عابرة، بل شكلت نقطة تحوّل في تاريخ الكفاح الوطني المصري، ورسخت إرادة المصريين في مقاومة الاحتلال، وصولًا إلى تحقيق الجلاء التام عن مصر في 1954.