المسجد الحميدي بالكرك: إرث تاريخي يروي عراقة العمارة الإسلامية
يعد المسجد الحميدي في مدينة الكرك واحداً من أقدم وأبرز المعالم الإسلامية فيها. إذ يمتد تاريخه لأكثر من 120 عاماً، ورغم مرور الزمن ما زال يحتفظ بتصميمه الأصيل وروح عمارته القديمة. ما يجعله شاهداً حياً على تاريخ المدينة وتراثها.
يقع المسجد في الجزء الجنوبي من الكرك، في منطقة كانت تعرف بموقع السرايا العثمانية. حيث أسس عام 1892 على يد الوالي العثماني حسين حلمي باشا ليخدم موظفي الحكومة العثمانية وسكان المدينة. ورغم مساحته الصغيرة التي لا تتجاوز 180 متراً مربعاً، إلا أنه يتسع لنحو 400 مصلى، ويشهد إقبالاً كبيراً من المصلين. خاصة خلال شهر رمضان المبارك. حيث تمتزج الأجواء الروحانية مع الدروس الدينية التي تقدم فيه.
تاريخ المسجد الحميدي
يمتاز المسجد الحميدي بتصميمه المتين الذي يعكس العمارة العثمانية، فقد بنيت جدرانه من الحجر الصلب، وسقفه من الجسور الحديدية والطين. لكن في عام 1968. كما تعرض السقف لتصدعات نتيجة تسرب مياه الأمطار، مما دفع رئاسة الوزراء إلى اقتراح هدمه واستبداله بمسجد جديد. ومع ذلك، أصرت وزارة الأوقاف الإسلامية على ترميمه والمحافظة عليه كأثر إسلامي. وتم ترميم السقف باستخدام الباطون بدلاً من الطين عام 1970. كما شهد المسجد لاحقاً عملية ترميم شاملة ضمن مشروع سياحي أنجز بتمويل من الوكالة اليابانية للتنمية الدولية.
كما يقع المسجد اليوم ضمن ساحة القلعة السياحية بمدينة الكرك، ما يجعله مقصداً للسياح من داخل وخارج المحافظة. حيص أكد ناصر المدادحة، أحد سكان الأحياء القريبة. إن ليلة القدر تعد من أبرز الأوقات التي يكتظ فيها المسجد بالمصلين تقديراً لمكانته التاريخية، حيث يحرص المصلون على أداء الصلاة فيه خلال هذه الليلة المباركة.
لا يقتصر دور المسجد على العبادة فقط. بل أصبح مركزاً مجتمعياً يحتضن فعاليات دينية واجتماعية، حيث يحرص سكان المنطقة على توفير وجبات الإفطار والسحور للمصلين وعابري السبيل. مما يعزز من قيم التعاون والتراحم.
كما تشرف وزارة الأوقاف الإسلامية على المسجد الحميدي بعناية، من خلال توفير الأئمة والواعظين، إلى جانب تحسين مرافقه الخدمية بما يتناسب مع مكانته التاريخية. ورغم صغره، يبقى المسجد الحميدي نموذجاً مشرقاً للتراث الإسلامي الذي يمتزج فيه عبق التاريخ بجمال العمارة وروحانية العبادة.