تاريخ ومزارات

أسرار دفن الغزلان عند المصريين القدماء

أميرة جادو

تعتبر الحضارة المصرية القديمة من أكثر الحضارات المليئة بالأسرار التي تكشف عنها الدراسات والأبحاث يومًا بعد يوم، من بين هذه الجوانب المثيرة، تقاليد الدفن التي لم تقتصر على البشر فقط، بل شملت الحيوانات أيضًا، بما في ذلك الغزلان، ولكن، لماذا كان المصريون القدماء يدفنون الغزلان؟

الغزلان عند المصريين القدماء

وبحسب ما ذكره كتاب “العبادة الحيوانية بين الدفن والرمزية في مصر وبلاد الشام والعراق.. في عصور ما قبل التاريخ” للباحثة زينب عبد التواب رياض، فأن المصري القديم قد استطاع استئناس الغزال منذ فجر التاريخ. أصبح الغزال مع مرور الزمن من الحيوانات المنزلية المحببة لدى المصريين.

أنواع الغزلان في مصر القديمة

وقد عرف المصريين القدماء نوعان من الغزلان:

  1. غزال دوركاس (Gazella Dorcas).
  2. غزال إيزابيلا (Gazella Izabella).

تم العثور على بقايا عظمية لهذه الأنواع في مواقع مثل مرمدة، المعادي، العمرة، هليوبوليس، وبلاص. بالإضافة إلى ذلك، وُجدت دفنات للغزلان في العديد من الجبانات التي تعود إلى ما قبل وبداية عصر الأسرات.

أنماط دفن الغزلان

أظهرت “الدراسات” عن وجود دفنات غزلان بأنماط مختلفة، مما يعكس أهمية هذا الحيوان وقدسيته لدى المصريين القدماء. تضمنت هذه الأنماط:

  1. دفنات فردية: دفن الغزال بمفرده.
  2. دفنات مزدوجة: دفن غزال مع حيوان آخر من فصيلة مختلفة.
  3. دفنات مختلطة: دفن غزلان مع بشر في نفس القبر.
  4. دفنات حيوانية ملحقة بمقابر آدمية: وُضعت الغزلان بجوار قبور البشر كرمز أو قربان.
  5. دفنات جزئية: دفن أجزاء محددة من الغزال، مثل القرون.

قدسية الغزلان ودورها الرمزي

والجدير بالإشارة أن الدفنات المختلفة تدل على أن الغزال كان يعد حيوانًا مقدسًا. فقد حرص المصريون القدماء على تكفينه بحصير وتقديم قرابين جنائزية مشابهة لتلك المقدمة للبشر.

كما أشارت “الدراسات”، إلى أن الغزلان كانت تُقتل عمدًا قبل دفنها، وهو ما ظهر جليًا في جبانة ما قبل الأسرات بوادي دجلة. حيث وُجدت غزلان مذبوحة أو مقطوعة الرقبة، مما يشير إلى ارتباطها بطقوس الأضحية.

يتوقع “الباحثون”، أن الغزلان كانت ترمز إلى أعداء الآلهة، خصوصًا إله الشمس. وقد ظهر هذا الرمزية في بعض الأدوات المكتشفة، مثل صلاية حيوانات الشمس الموجودة بمتحف الأشموليان بأكسفورد. يظهر على واجهة الصلاية كائنان برقبتيهما الثعبانية يلتهمان غزالًا، وهو ما يمثل العدو المهزوم لإله الشمس.

دفن قرون الغزلان عند المصريين

وفيما يتعلق بدفن قرون الغزلان، فقد ارتبط بقدسية خاصة أو قوى غامضة دون الإشارة إلى إله محدد. ويُعتقد أن هذه القرون كانت تُستخدم كتميمة رمزية يُرجى منها الحماية أو البركة. وقد ظهرت بوادر هذا النوع من الدفنات الرمزية منذ عصر حضارة البداري.

والجدير بالذكر أن للغزال مكانة خاصة في مصر القديمة، سواء كحيوان مقدس أو كرمز للأضاحي المرتبطة بالآلهة. دفن الغزلان وأجزائها يعكس جوانب متعددة من معتقدات المصريين القدماء، التي ما زالت تدهشنا بتفاصيلها وتعقيداتها، مما يجعل دراسة هذه الحضارة رحلة مستمرة لفهم عظمة الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى