كنيسة السيدة الإفريقية: تحفة تاريخية تطل على ساحل الجزائر
تقع كنيسة السيدة الإفريقية التي تعد واحدة من أبرز المعالم التاريخية والثقافية في الجزائر على ارتفاع 228 مترًا فوق سطح البحر. مشرفة على مدينة باب الواد وساحل المتوسط. كما تحمل الكنيسة قصة ملهمة تجمع بين الإيمان والتاريخ. إذ ارتبطت تسميتها بالخادمة المسيحية مارجريت بيرجر التي جاءت من مدينة ليون الفرنسية في القرن التاسع عشر، ساعية لنشر عقيدتها في القارة الإفريقية.
تاريخ كنيسة السيدة الإفريقية
كما استقرت مارجريت في أعالي الجزائر العاصمة برفقة الأسقف بافي بوجوب، الذي واجه طلباتها المستمرة لبناء معبد للعذراء. رغم التحديات المالية الكبيرة. كما أطلق الأسقف حملة لجمع التبرعات، استجاب لها مسيحيون من مختلف الطبقات في فرنسا وأوروبا، بما في ذلك جنرالات وقادة فرنسيون. في عام 1858. كما وضع حجر الأساس للكنيسة على هضبة مطلة على البحر، لتكون أول كنيسة كاثوليكية في إفريقيا. بلمسة معمارية بيزنطية أبدعها المهندس جان أوجين فروماجو، بينما تضفي الزخارف العربية والإسبانية سحرًا مميزًا على تصميمها.
عند دخول ساحة الكنيسة، يستقبلك مشهد فريد: لوحة على اليسار تسرد العبادة المريمية في شمال إفريقيا منذ القرن الأول. يقابلها حجرات تحمل نقوشًا باسم مريم. داخل الكنيسة. كما تنتشر كتابات النذور بثلاث لغات: العربية، الأمازيغية، والفرنسية، بعضها يعود لعقود مضت، مثل النذر الذي تركه رائد الفضاء فرانك بورمان عام 1970 عند عودته من الفضاء.
كما تتوهج في أعلى الكنيسة، قبتها الكبيرة المزينة بالزجاج الملون، بجانب تمثال القديس أغسطينوس وصور جدارية تروي ملامح من حياته. أما في المظهر الخارجي. فيطل تمثال السيدة الإفريقية على البحر. مستوحى من مارجريت بيرجر التي توفيت عام 1875 ودفنت داخل الكنيسة. في حين يبقى التمثال رمزًا لاستقبال الزوار.
بعد أربع سنوات من الترميم، تم إعادة افتتاح الكنيسة عام 2010 محتفظة بمكانتها كأحد أشهر كنائس المتوسط والعالم. تجمع بين قصتها الإنسانية وهندستها المتميزة التي تأخذ في الاعتبار خصوصية المجتمع المسلم. لتبقى شاهدة على تاريخ يمتزج فيه الدين بالفن والتراث الثقافي.