قبيلة توبالت: جذور شريفة وتاريخ ممتد في الصحراء المغربية
تعتبر قبيلة توبالت واحدة من القبائل الصحراوية المغربية ذات التاريخ العريق والنسب الشريف. حيث يرجع نسب أبنائها إلى الولي الصالح محمد صالح بن واندلوس السوسي الصوفي، المعروف بسيدي أوسيدي، المتوفى سنة 591هـ/1194م، والمدفون في مدينة تارودانت. وتواترت الروايات النسبية التي تؤكد امتداد نسب القبيلة إلى مولاي إدريس، ما يعزز مكانتها في التاريخ المغربي.
تاريخ قبيلة توبالت
يمتد نفوذ قبيلة توبالت من آيت باعمران جنوبًا إلى مدينة العيون. مع وجود جذوع لها في مدينة الصويرة، ما يعكس انتشارها الكبير في مناطق المغرب المختلفة. كما أن القبيلة عُرفت بدورها كإحدى قبائل الزوايا التي ارتبطت تاريخيًا بمنطقة الساقية الحمراء. حيث نالت احترام سكان الساقية الحمراء ووادي الذهب. لما تمتعت به من مكانة دينية باعتبارها حاملة للكتاب ومتعففة عن النزاعات القبلية، مما أكسبها سلطة روحية مستقلة عن المحاربين.
اندماج وتفاعل مع قبائل أخرى
ومن جهته قال ناظم التويالي أحد أفراد القبيلة، رغم ارتباط قبيلة توبالت الوثيق بقبائل الزرقيين من تكنة آيت الجمل. إلا أنها احتفظت بنسبها الشريف وهويتها السلالية. ما يعكس تمسكها بأصولها العريقة. وقد تأثرت طباع القبيلة بأخلاقيات الزرقيين المجاهدين، لكنها ظلت متميزة بمكانتها كإحدى أعرق القبائل التي تهتم بحفظ القرآن الكريم ونشر تعاليمه.
علماء وفقهاء بارزون
لعبت قبيلة توبالت دورًا محوريًا في نشر العلم في الصحراء، وكان من أبرز علمائها الشيخ علي الليلي الذي شكل سلطة علمية بارزة استمرت شهرته إلى ما بعد وفاته في 1300هـ/1882م. حيث تصدر أبناؤه التدريس في محاضر عديدة امتدت بين وادي درعة والساقية الحمراء. كما أسس أحد أحفاده حضورًا علميًا في مدينة أبي تلميت بموريتانيا بدعوة من الشيخ سيديا. حيث اشتهر بتدريس القرآن بمختلف القراءات.
التوسع في المغرب ومكانتها الثقافية
شهدت قبيلة توبالت اندماجًا تدريجيًا في المدارس العتيقة بمدن مغربية مثل الصويرة وفاس وتارودانت وتيزنيت. ورغم ذلك، حافظت القبيلة على صلاتها القوية بين من استقروا في الصحراء وبين الذين استوطنوا المناطق الأخرى مثل الصويرة وحوز مراكش. اليوم، تعد القبيلة واحدة من أكبر القبائل الصحراوية. وتشهد كثرة في الحفاظ والمتعلمين، إضافة إلى وجود مكتبات شخصية بارزة مثل مكتبة سيدي يعقوب بطرفاية التي تحتضن مخطوطات ثمينة.
إخلاص للعرش العلوي
كما اشتهرت قبيلة توبالت بإخلاصها للعرش العلوي وتفانيها في الدفاع عن الوطن. مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من التاريخ الوطني المغربي.
التقسيم السلالي
تنقسم القبيلة إلى ثلاث فخذات رئيسية:
– فخذ الخلائف: نسبة إلى جدهم خليفة
– وأيضا فخذ لمرازكية
– فخذ الجامعية: نسبة إلى جدهم سيدي جامع بن سيدي مرزوق
إرث خالد
قبيلة توبالت ليست مجرد تجمع سكاني بل كيان تاريخي وثقافي وديني ساهم في صياغة معالم الصحراء المغربية. من خلال حفاظها على التراث والتقاليد، تُعد رمزًا للأصالة والشرف، وشاهدة على تاريخ مشرف يمتد عبر القرون.