المزيدقبائل و عائلات
أخر الأخبار

قبيلة البياضية وذاكرة المكان

  ”قاطية“ وديار البياضية

سيناء – محمود الشوربجي

قال الدكتور سامي صالح البياضي، الباحث الآثاري، أن أهم الديار التي ارتبطت بها قبيلة البياضية مدينة قطيا بسيناء. إذ وردت الكثير من الاشارات المهمة الجغرافية والتاريخية التي لها علاقة فيما بين قبيلة البياضية ومدينة قطيا. وأصبحت مع قرية إقطية المجاورة لها من ديار ومضارب قبيلة البياضية التاريخية الشهيرة. فإقطية كواحة للمياه العذبة كانت قاعدة قبيلة البياضية حتى أنه قيل: ”من ليس له أرض بإقطّية فليس من البياضية“.

 

وأوضح “البياضي” أن نجم مدينة قطيا وما حولها كواحة إقطية بدأ يعلو في الأفق خلال العصر المملوكي. بعد نهاية وخراب مدينة الفرما. وحصنها العباسي على يد الفرنج في أواخر العصر الفاطمي، حيث أضحت الفرما بحصنها المنيع محجر لإمداد المراكز العمرانية المجاورة. والتي بدأت تزدهر على حسابها بمواد البناء، فنشأت مدينة قطيا كمركز للمكوس على طريق البريد والتجارة. ” الدرب السلطاني “ في الرمل في أواخر العصر الأيوبي. وظلت مزدهرة منذ نشأتها حتى تدشين خط للسكة الحديد بين مصر وفلسطين عام 1916م حيث ُهجرت وأصبحت أطلال وتلال.

 

وكانت قطيا مركز رئيسي من مراكز طريق البريد خلال العصر المملوكي كما ذكر المؤرخان الععُمري والقلقشندي حيث قالا:” ثم إلى قَطيا، فيكون من القاهرة إلى قَطْيا اثنا عشر  بريدا …، يكون من قَطيا إلى غَّزة أحد عشر مركزًا“. وتقع قطيا شرق مدينة القنطرة شرق بمسافة 50 كيلو مترا. وإلى الغرب من مدينة بئر العبد بمسافة 30 كيلو مترا، وهي إحدى قرى مركز مدينة بئر العبد بشمال سيناء.

 

وأكد “البياضي” ورود ضبط اسم قطيا لغة عند الجغرافي ياقوت الحموي إذ قال:” قَطْيا الناس يبدلون ألفها هاء تأنيث قَطَيَه، بالفتح، ثم السكون، وياء مفتوحة، أظنه من تقطيت على القوم، إذا تطلبتهم حتى تأخذ  منهم شيئًا“. وهو تفسير في محله مأخوذ من وظيفتها كمركز للمكوس على طريق التجارة بين مصر وبلاد الشام لجباية المكوس عما لدى التجار والمسافرين من التجارة الصادرة والواردة من وإلى  مصر حيث قال: ”َمدينة قطيا …، هي مزم الدرب حتى لا يُمكن التوصل إلى الديار الِمصرية إلا منها“.

قطيا ذاكرة المكان

كما أشار إلى أن كانت بلدة قطيا كانت مركز رئيسي للتفتيش على جوازات العبور فيما بين مصر وبلاد الشام، وهو ما ذكره المؤرخ ابن دقماق حيث قال:” قَطيا … لا يمكن أحد من الجواز من مصر إلى الشام، أو من الشام إلى مصر إلا بورقة “. ومركز للجمارك على التجارة الصادرة والواردة بين مصر وبلاد الشام.

وتابع “البياضي” قائلًا: وعند مرور الرحالة ابن بطوطة بها أثناء اجتيازه لطريق الرمل الشمالي من َسْيَناء في شهر شعبان سنة 621هـ/9020م ذكرها وموظفيها ومقدار دخلها في اليوم حيث قال:” دخلنا الرمال …، ومن منازلها قطيا المشهورة، والناس يبدلون ألفها هاء تأنيث، وبها تؤخذ الزكاة من التجار، وتفتش أمتعتهم، ويبحث عما لديهم أشد البحث، وفيها الدواوين والعمال والكتاب والشهود، ومجباها في كل يوم ألف دينار من الذهب، ولا يجوز عليها أحد من الشام إلا بب ارءة من مصر، ولا إلى مصر إلا بب ارءة من الشام، وطريقها في ضمان العرب قد وكلوا بحفظه، فإذا كان الليل مسحوا على الرمل لا يبقى به أثر، ثّم يأتي الأمير صباحاً فينظر إلى الرمل، فإن وجد به أثر طالب العرب بإحضار مؤثّره فيذهبون في طلبه، فلا يفوتهم، فيأتون به الأمير، فيعاقبه بما شاء “.

 

هذا وسرد “البياضي” تاريخيًا وآثاريًا مدينة قاطيا. وقال كانت مزدهرة حضارياً ومعمارياً فكانت تشتمل ضمن عمائرها على جامعين، أحدهما تم تشييده في عهد السلطان المملوكي الظاهر َبْيَبْرْس الُبْنُدْقَداري. واكتشف في سنة 1981م بعد تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.

كما كان يُوجد بيت للوالي الذي أعتقد أنه لابد أن يكون قريباً من الجامع حيث مركز الَمِديَِنة، والسوق يقع إلى الغرب من الجامع. وقد تم اكتشاف بقايا مبانيه، وبعض المساكن الخاصة بالموظفين والحامية، وُبَرج َحَمام الرسائلي للبريد الجوي. ودكة لجلوس المسافرين ومقر التفتيش وفرض المكوس، ومارستان ” مستشفى “ لعلاج المرضى. وَحَّمام بخار عام، وطاحونة لطحن الغلال، وقلعة شيدها الفرنسيون أثناء حملتهم على عكا. والعديد من الآبار أهمها بئر حجاج، وقبتين منهم قبة الشيخ المزين. وجبانة آثارية كانت بها نقوش كتابية شاهدية من العصر المملوكي، وغيرها من منشآت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى