عروة بن الورد.. ابن قبيلة عبس وشاعر الصعاليك في الجاهلية
أسماء صبحي
“الصعاليك” هو مصطلح عربيّ قديم انتشر في أيام الجاهلية، وهو اسم يطلق على ثلَّة من الرجال العرب. ينتمي هؤلاء الرجال إلى أكثر من قبيلة واحدة، عاشوا قبل الإسلام وكانوا خارجين على سلطة القبيلة. فهم في الأصل لم يعترفوا بسلطة القبيلة فتعرَّضوا للطرد من قبائلهم. ولأنَّهم اشتركوا في المعاناة نفسها.
اجتمع هؤلاء وعاشوا معًا في البادية بعيدًا عن أعين الناس، ومن الجدير بالذكر إنَّ الصعاليك كانوا شعراء مجيدين. رويتْ عنهم قصائد من عيون الشعر العربي، ومن أشهر هؤلاء الشعراء الصعاليك: الشنفرى. تأبط شرًّا، عروة بن الورد وغيرهم. وهذا المقال سيسلِّط الضوء على أحد شعراء الصعاليك وهو الشاعر عروة بن الورد.
من هو عروة بن الورد شاعر الصعاليك
قال بعض المؤرخين أن نسب عروة هو ابن الورد بن زيد. وقال آخرون هو ابن عمرو بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هريم بن لديم بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد ين قيس بن عيلان بن مضر بن نزار. ولقبه عروة الصعاليك، يذكر عن عروة أنَّه الصعلوك الذي جمع الصعاليك وقام بأمرهم. وينسب إليه تنظيم شؤون في بادئ الأمر. وهو شاعر من الشعراء الصعاليك الذين عاشوا في الجزيرة العربية قبل الإسلام. وفارس من فرسان العرب المشهورين في الجاهلية.
كان عروة يسرق ويطعم الفقراء، دأبه في هذا دأب الصعاليك الذين امتهنوا سرقة الأغنياء وإطعام الفقراء. كما كان عروة بن الورد كريمًا شجاعًا، عرفت عنه المروءة والفروسية. حتَّى قال عنه عبد الملك بن مروان: “من قال إن حاتمًا أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد”. ولم تذكر المصادر تاريخًا صريحًا لميلاد عروة، ولكنَّ المتَّفق عليه أنَّ عروة توفي عام 607 ميلادية.
زوجة عروة بن الورد
زوجة عروة بن الورد هي سلمى الغفارية، وهي امرأة من بني كنانة. كانت تكنَّى بأم وهب، وهي امرأة أصابها عروة حين أغار على أهلها. كانت سلمى الغفارية بكرًا فأعتقها عروة وتزوجها، كما كانت راغبة به هي أيضًا. فعاش معها ما يزيد على عشر سنين، وأنجبت له ولدًا. وقد جاء ذكر سلمى امرأة عروة في شعره؛ حيث يذْكَرُ أنَّ سلمى كانت تلوم زوجها عروة على ما يقوم به في غاراته. فإنَّه يعرِّض نفسه للخطر والموت في سبيل فقراء قومه. وكان عروة برد على لونها بالشعر.
لقد خلَّد عروة اسم زوجته في تاريخ الأدب العربي من خلال هذه الأبيات. حيث كان يرد عليها ويأمرها أن تنام وتستريح فيتوقف لومها له. أو أن تبقى ساهرة معه ولكن دون أن تلومه أبدًا. ثمَّ يشرح لها أسبابه التي تدفعه للمخاطرة بعمره، وأبرز هذه الأسباب هو رغبته في تخليد اسمه على ألسنة الناس بالذكر الحسن الحميد بعد موته.
عروة بن الورد وعنترة بن شداد
كان عروة بن الورد وعنترة بن شداد من خيرة شعراء الجاهلية. عروة شاعر صعلوك وخير الشعراء الصعاليك، وعنترة صاحب معلقة من المعلقات العشر. وشاعر من أبرز الشعراء العرب في العصر الجاهلي. ينتمي الشاعران إلى قبيلة عبس، وهما من فرسان العرب الأشداء. عاش عروة في البادية وأمضى حياته وهو يغير على الأغنياء ويسرق منهم ويعطي فقراء قومه. بينما عاش عنترة عبدًا في بدايات حياته قبل أن يصبح سيِّدًا وفارسًا من فرسان قومه.
شاءتِ الأقدار أن تخسر العرب في حرب واحدة رجلين وشاعرين وفارسين من خيرة فرسان العرب. حيث مات عنترة بن شداد وعروة بن الورد في حرب داحس والغبراء. الحرب الطويلة التي قامت بين قبيلتي عبس وذبيان والتي راح ضحيتها خلق كثير من العرب في الجاهلية.