قبائل و عائلات

السودان: قبائل نائية وعزلة اجتماعية وسط صراعات تاريخية

بـ570 قبيلة، يظل السودان يحتفظ بتاريخ طويل من العادات والتقاليد القبلية. التي استطاعت الصمود على الرغم من التحولات السياسية التي شهدها، وخاصة بعد انفصال جنوب السودان. هذه القبائل التي شكلت جزءاً من نسيج المجتمع السوداني قبل الانقسام. تجد نفسها اليوم تواجه تحديات متعددة تتراوح بين العزلة الاجتماعية والتمييز. حيث لا تزال بعض المجموعات تحتفظ بهوياتها الثقافية النقية والمستقلة.

سمات المجتمع القبلي السوداني

وقال أستاذ علم الأجناس والأنثروبولوجي بجامعة الخرطوم عبد الباسط سعيد، أن المجتمع القبلي السوداني يتسم بتنوع كبير؛ إذ ينقسم إلى مجموعتين رئيسيتين: الأولى تتسم بالعزلة والشعور بالتهميش. وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى النزاعات والصراعات. أما المجموعة الثانية. فهي تلك التي ترى نفسها في موقع متفوق وتعتبر أن الحفاظ على نقاء تقاليدها هو أمر بالغ الأهمية، ما يجعلها تتجنب أي تفاعل ثقافي مع المجموعات الأخرى.

ورغم أن عدد قبائل السودان قد تقلص بعد انفصال الجنوب. حيث يبلغ عدد القبائل الآن حوالي 570 قبيلة، إلا أن هناك نحو 57 مجموعة إثنية متميزة تتفق في خصائص لغوية وثقافية. ومع ذلك، هناك بعض الجماعات التي لا تتوافر عنها معلومات كافية. ولا تتبع التصنيف الرئيسي للمجتمع السوداني.

الجماعات النادرة بالسودان

كما تناولت عالمة الأنثروبولوجيا البريطانية ويندي جيمس، هذه الموضوعات في دراساتها. بما في ذلك أعمالها الأخيرة التي تركز على الجماعات النادرة التي تعيش في المناطق الحدودية بين السودان وإثيوبيا، مثل مجموعة الأدوك في النيل الأزرق، التي عانت من ويلات الحرب الأهلية واضطرت للعيش في عزلة بعيداً عن المجموعات الأخرى.

إحدى المجموعات التي تجسد العزلة الاجتماعية هي “الوطاويط”، وهي قبيلة ناطقة بلغة البرتا. تتكون هذه المجموعة من نحو 100 ألف نسمة، وتعيش في المناطق الحدودية بين السودان وإثيوبيا، حيث تعيش في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي. هذه العزلة ناتجة عن الجغرافيا الجبلية التي تحيط بها، إضافة إلى تاريخ طويل من العزلة الثقافية والاجتماعية.

عوامل تاريخية وجغرافية

و يرى الباحثون أن تلك الجماعات التي تفضل العزلة قد تكون قد اختارت هذا النمط بسبب عوامل تاريخية وجغرافية، خاصة بعد الحدود التي تم ترسيمها أثناء الحقبة الاستعمارية. ومع مرور الوقت، أصبحت هذه القبائل تفضِل العيش بعيداً عن المجتمعات الأخرى نتيجة لتخوفاتها من العبودية أو الاستغلال.

حتى في ظل الظروف الحالية، لا يزال هناك نمط من العزلة بين بعض المجموعات القبلية، مثل الأمبررو، وهي قبيلة تنحدر من النيجر وتعيش بين السودان وجنوب السودان. تتميز هذه القبيلة بممارسة طقوس سحرية وتقاليد رعي الأبقار. ويظهر أفرادها نمطاً مميزاً من الحياة التي تقتصر على التنقل من مكان لآخر بحثاً عن الموارد. بعيداً عن المدن والمناطق الحضرية.

إضافة إلى ذلك، لا يزال الزي التقليدي لهذه الجماعات يعكس هويتهم الثقافية. حيث يرتدي الرجال والفتيات ملابس زاهية، بينما تظهر النساء المتزوجات بملابس أقل تحفظاً، وهو ما يعكس الطبيعة القبلية التي تظل محافظة على تقاليدها في عالم يتغير بسرعة.

تظل العزلة، سواء كانت جغرافية أو اجتماعية، سمة بارزة في حياة العديد من القبائل السودانية. هذه العزلة لم تكن خياراً بقدر ما كانت نتيجة للظروف التاريخية والجغرافية التي فرضت عليهم نمط حياة منعزلاً عن باقي المجتمع السوداني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى