محمود سامي البارودي: فارس الشعر والنضال الوطني
أسماء صبحي
محمود سامي البارودي، المعروف بلقب رائد النهضة الشعرية الحديثة. كان شاعرًا وأديبًا وقائدًا عسكريًا مصريًا في القرن التاسع عشر. ولد في 1839م في حي باب الخلق بالقاهرة، واشتهر بدوره البارز في إحياء الشعر العربي التقليدي. إلى جانب مواقفه الوطنية ومشاركته في الثورة العرابية ضد الاستبداد.
إنجازاته الأدبية
قاد البارودي حركة تجديد في الشعر العربي، حيث أعاد للشعر قيمته التقليدية مع إعطائه روحًا معاصرة. وتميزت أشعاره بالجزالة اللغوية، ورقة الأسلوب، وعمق المعاني الوطنية. كما تناولت قصائده قضايا الحرية والكرامة، وكانت مصدر إلهام لجيله وللأجيال اللاحقة. ويطلق عليه أحيانًا “شاعر السيف والقلم”، حيث جمع بين القوة في ميداني الشعر والسياسة.
دوره السياسي والنضالي
إلى جانب كونه شاعرًا، كان البارودي قائدًا عسكريًا وسياسيًا بارزًا. حيث لعب دورًا محوريًا في الثورة العرابية عام 1881م، التي طالبت بالحرية والإصلاح السياسي. وشغل منصب رئيس الوزراء لفترة قصيرة، لكنه نفي إلى سيلان بعد فشل الثورة. وخلال منفاه، استمر في كتابة الشعر الذي يعبر عن مشاعر الغربة والحنين للوطن.
ويصف الدكتور جابر عصفور، الناقد الأدبي، البارودي بأنه “أب الحداثة الشعرية”. موضحًا أن البناء الفني المتقن لقصائده ساهم في تأسيس نهضة أدبية جديدة تجمع بين التراث والتجديد، وجعلته أحد أبرز رواد الشعر العربي الحديث.
رحلة محمود سامي البارودي في المنفى
خلال سنوات نفيه إلى جزيرة سيلان (سريلانكا حاليًا)، عاش البارودي حالة من الوحدة والحنين للوطن، انعكست بوضوح في أشعاره. وتناولت قصائده في المنفى قضايا الاغتراب والمقاومة الداخلية، حيث جسدت معاناة المنفي الذي يعاني من فراق الوطن والأحباء. كما ساهمت هذه التجربة في إثراء أشعاره بمشاعر عميقة وأفكار فلسفية حول الحرية والوطنية.
يعتبر البارودي من الشخصيات التي تركت بصمة خالدة في الأدب العربي. حيث مهد الطريق لحركة الإحياء والبعث الأدبي التي قادها لاحقًا شعراء مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. كما أن دوره في الثورة العرابية جعله رمزًا وطنيًا يُحتذى به في الكفاح ضد الظلم. ويبقى تأثيره حاضرًا في المناهج الدراسية والأعمال الأدبية، ما يعكس دوره في صياغة الهوية الوطنية والثقافية المصرية.