خبراء: تعزيز التكامل الصناعي وتوطين مستلزمات الإنتاج ضرورة لدعم الصناعة المحلية
أسماء صبحي
عانت الصناعة المحلية على مدى سنوات طويلة من غياب جهة تدافع عنها وتدعمها، إلى أن شهد التعديل الوزاري الأخير خطوة هامة باستحداث منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وتكليف الفريق كامل الوزير بتولي هذا المنصب بجانب إدارته لوزارتي النقل والصناعة.
وتواصل الدولة المصرية جهودها في دعم الشباب ورواد الأعمال في مختلف القطاعات، من أجل توجيههم للاستثمار في الصناعات المغذية، مما يساهم في زيادة القيمة المضافة للتصنيع المحلي، تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير فرص العمل للشباب من الجنسين.
وفي هذا التقرير، نستعرض مع الخبراء رؤية الحكومة في تعزيز الصناعات المغذية للصناعات الكبرى، وتأمين مستلزمات الإنتاج بما يوفر بدائل محلية تحل محل المنتجات المستوردة، كما نتناول دور الدولة في تشجيع إقامة الصناعات التكاملية، وذلك لمواجهة التحديات التي قد تؤدي إلى توقف المصانع نتيجة عدم القدرة على استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج في ظل الأزمات الدولية والتوترات الجيوسياسية.
دعم الدولة للصناعة
من جهته، أكد الدكتور عبد النبي عبد المطلب، خبير اقتصادي ووكيل وزارة التجارة للبحوث الاقتصادية سابقًا، أن الاهتمام الحكومي بالصناعة يعود إلى النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، حيث وضعت الحكومة آنذاك خططًا تهدف لزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، وقد بدأت بعض تلك الجهود تؤتي ثمارها بمعدلات نمو وصلت في بعض القطاعات إلى 6%، وبلغت 10-12% في قطاعات أخرى. ومع ذلك، شهدت الصناعة المصرية تراجعًا كبيرًا في أعقاب أحداث 2011 وما تبعها من اضطراب وعدم استقرار اقتصادي.
وأشار عبد النبي، إلى أن التشكيل الحكومي الأخير في يوليو الماضي حمل توجيهات جديدة لدعم المصانع المتعثرة ووضع خطة طموحة لرفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي من 17% حاليًا إلى 24% خلال عامين، وصولًا إلى 36% بحلول 2030، ولتحقيق هذا الهدف، بدأت الدولة تنفيذ خطط تشمل إقامة مناطق صناعية متكاملة تضم مصانع كبرى بجانب صناعات مغذية تساهم في توفير مستلزمات الإنتاج مثل صناعة عبوات الأدوية، التغليف، والدعم التكنولوجي.
تشجيع الاستثمار المحلي
وأعرب عبد النبي، عن ثقته في قدرة الصناعات المصرية على تقليل الواردات من خلال تعزيز الصناعات المغذية، وهو ما سيخفف الضغط على العملة الأجنبية، وأوضح أن الحكومة اتخذت إجراءات لدعم المستثمرين، بما في ذلك إصدار قوانين وتشريعات تحفز الاستثمار، مثل قانون التراخيص الذي يسمح بإصدار التراخيص للمشروعات ذات المخاطر المنخفضة خلال 30 يومًا، بينما تأخذ المشروعات ذات المخاطر العالية مثل الكيماويات فترة تصل إلى ثلاثة أشهر.
تواجه الصناعة المصرية تحديًا كبيرًا فيما يخص توفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام، حيث يعتمد جزء كبير منها على الاستيراد، وأوضح عبد النبي أن بعض المشكلات في هذا السياق ظهرت جلية في دراسة حول صناعة الملابس الجاهزة، حيث أدى نقص الزرار المستورد بمواصفات معينة إلى توقف بعض المصانع تمامًا عن الإنتاج.
وبدأت الحكومة في التحرك نحو توطين صناعة مستلزمات الإنتاج مثل الإكسسوارات والمواد المستخدمة في الإلكترونيات، عبر تقديم حوافز للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومنع التفتيش العشوائي على المصانع لضمان سير العمل بانتظام وتقليل الفساد.
دور الحكومة في دعم التكامل الصناعي
في السياق ذاته، أكد عمرو فتوح، نائب رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، على أهمية خطوة الحكومة في تعزيز التكامل الصناعي بتشجيع المستثمرين على إقامة مصانع توفر مستلزمات الإنتاج محليًا، مما يحمي المصانع من التوقف ويعزز من استدامة الصناعة.
وشدد فتوح، على أهمية اتباع استراتيجية شاملة تحدد المستوردات الأساسية، وتوجه الشباب ورواد الأعمال لإنتاجها محليًا، مع ضمان الجودة المطلوبة من خلال التعاون بين المصانع الكبرى والصناعات المغذية.
وأكد على ضرورة التشابك بين رواد الأعمال والمصانع لتوفير مستلزمات الإنتاج بكفاءة ورفع مستوى الاعتماد على المنتج المحلي، وهو ما سيساهم في دعم الاقتصاد المصري وتقليل الاعتماد على العملة الصعبة.