مرأه بدوية

أم عمارة بنت سفيان: نموذج في الصدق والتقوى يعكس قوة الإيمان

أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، هي شخصية خالدة في التاريخ بفضل أمانتها وتقواها. وقد أثبتت أنها امرأة ذات شأن عظيم عندما عُرفت بتقواها وخوفها من الله، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. قدّر الله لها في الدنيا أن تتزوج من ابن أمير المؤمنين عمر، ومن نسلها جاء أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، أحد أبرز القادة في تاريخ الإسلام.

أم عمارة بنت سفيان

في أحد الأيام، لاحظ بعض بائعي اللبن أنهم يخلطون اللبن بالماء، وهو ما أثار استياء المسلمين. فقرر الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إرسال أحد رجاله إلى سوق اللبن ليدعو بائعي اللبن إلى الامتناع عن الغش، محذراً إياهم من العقوبة الشديدة إن استمروا في ذلك.

وفي إحدى الليالي، خرج عمر بن الخطاب مع خادمه أسلم ليتفقد أحوال الناس في الليل. بينما كانا يستريحان بجانب جدار، سمعا امرأة تقول لابنتها: قومي إلى اللبن وأضيفي الماء إليه. أجابت الابنة: يا أمي، ألا تعرفين ما أمر به أمير المؤمنين اليوم؟ قالت الأم: وما كان من أمره؟ أجابت الابنة: لقد أمر مناديه بأن لا يُخلط اللبن بالماء.

أجابته الأم: يا بنيتي، قومي وأضيفي الماء إلى اللبن لأنك في مكان لا يراك فيه عمر ولا مناديه. ولكن الفتاة ردت بكل إيمان: والله ما كنت لأطيعه في العلن وأعصيه في السر، إن كان عمر لا يرانا، فرب أمير المؤمنين يرانا.

أعجب عمر بن الخطاب بتقوى الفتاة وورعها. قال لأسلم: احفظ هذا المكان وعرف من هما. في الصباح، أمر أسلم بالذهاب إلى المكان والتحقق من هوية المرأة وابنتها. فتبين له أن المرأة العجوز وابنتها أم عمارة كانتا بلا زوج.

عندما علم عمر بذلك، دعا أبناءه وقال لهم: هل منكم من يحتاج إلى زوجة؟ إذا كان فيكم من لديه رغبة، فهو أولى بها. قال عبد الله بن عمر: لدي زوجة. وقال عبد الرحمن: لدي زوجة. أما عاصم، فقال: يا أبت، لا زوجة لي، فتزوجني. فزوج عمر بن الخطاب أم عمارة من عاصم، وأنجب عاصم ابنة صارت أمًا لعمر بن عبد العزيز، الخليفة الراشد الخامس، رضي الله عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى