بكر بن النطاح: الشاعر الفارس الذي جمع بين الشجاعة والشعر
بكر بن النطاح الحنفي، المعروف بأبي وائل، كان شاعرًا فارسًا من بني حنيفة عاش في زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد. وُلد في اليمامة وتوفي في عام 192 هـ / 807 م. بدأ حياته كشخص مغامر وصعلوك يقطع الطرق، لكنه سرعان ما أوقف نشاطاته الإجرامية وتفرغ للشعر، حيث اشتهر بقصائده الغزلية والفخرية. بفضل موهبته وحنكته، أصبح له مكانة مرموقة في بلاط الخليفة العباسي.
من هو بكر بن النطاح
انتقل بكر إلى بغداد في عهد الرشيد، وهناك انضم إلى أبي دلف العجلي الذي كان قائدًا عسكريًا وأحد رجالات الدولة البارزين. قام أبو دلف بتخصيص دخل ثابت له من الدولة ليعيش به، كما أدخله في صفوف الجند، حيث كان بكر يتميز بالشجاعة والإقدام.
رغم أن بكر بن النطاح كان في البداية فارسًا مجهولًا، إلا أن موهبته في الشعر وشجاعته جعلت منه شخصية محورية في بغداد. يقول عنه المؤرخون إنه كان شجاعًا مهابًا، وكان يكثر من وصف نفسه بالشجاعة والإقدام في قصائده. وقد اشتُهر بقصيدة يقول فيها “هنيئًا لإخواني ببغداد عيدهم، وعيدي بحلوان قراع الكتائب”. إلا أن أبي دلف استفسر منه يومًا عن عدم رؤيته للشجاعة التي يتحدث عنها في شعره، فرد بكر بأن الفارس الذي لا يملك سلاحًا لا يستطيع أن يظهر شجاعته. فأمره أبو دلف بإعطائه سلاحًا وفرسًا ليختبره، وبالفعل أظهر بكر مهارته عندما هاجم قافلة لأبي دلف وأخذ المال منهم بعد أن هزم حرّاسها، مما دفع أبو دلف للاعتراف بشجاعته والتسامح معه.
أما قصته مع الخليفة هارون الرشيد ويزيد بن مزيد، فهي تروي كيف استدعى الرشيد يزيد ليحقق في هوية الشاعر الذي ألف أبياتًا تتحدث عن نسبه وفخره ببني وائل. وعندما تبين أن بكر بن النطاح هو صاحب القصائد، أمر يزيد بإخفاءه عن الأنظار حتى وفاة الرشيد خوفًا من غضب الخليفة. وبعد وفاة الرشيد، عاد بكر للظهور مجددًا وعاد اسمه إلى الديوان مع زيادة في عطائه.
بكر بن النطاح يُعتبر واحدًا من الشعراء الذين برعوا في المزج بين الشجاعة والشعر. على الرغم من حياته المليئة بالمغامرات، إلا أنه استطاع أن يصنع لنفسه مكانة مرموقة بين الأدباء والشعراء في عصره.