أبو مسلم الخراساني: القائد الذي أسس للدولة العباسية
أبو مسلم الخراساني، المعروف باسمه الكامل عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، كان من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأسيس الدولة العباسية. وُلد في عام 100 هـ وكان سياسيًا وقائدًا عسكريًا محنكًا، عُرف بدهائه وشجاعته في إدارة الأمور السياسية والعسكرية. رغم أن اسمه الحقيقي كان إبراهيم، إلا أنه غيّر اسمه وكنيته بناءً على توجيهات إبراهيم الإمام، الذي لمس فيه الإخلاص والقدرة على القيادة، فاختاره ليكون قائدًا للدعوة العباسية في خراسان، وأوصاه بوصية مشهورة ظل مخلصًا لها.
أبو مسلم الخراساني
في مرحلة مبكرة من حياته، برز أبو مسلم كشخصية قوية حازت على إعجاب الفرس والموالي، وذلك بسبب ما عانوه من ظلم الدولة الأموية. استطاع كسب تأييدهم رغم حداثة سنه، واستغل النزاع بين القيسية واليمانية في خراسان لصالحه، حيث لجأ إلى تفريقهم وضربهم ببعضهم البعض، محققًا نجاحًا كبيرًا في فرض دعوته وبناء الأسس للدولة العباسية التي قامت رسميًا عام 132 هـ.
مع قيام الدولة العباسية، ازدادت شهرة أبو مسلم ومكانته بين أتباعه، الذين أحبوه واعتبروه زعيمهم ومخلصهم. لكن هذا الصعود السريع في النفوذ أثار قلق الخليفة أبو جعفر المنصور، الذي خشي من طموح أبو مسلم المتزايد في السيطرة على الحكم. فدبّر له المنصور مكيدة لقتله رغم أنه كان قد أمنه، وأقنع أهل خراسان بالهدوء بعد وفاته بعبارته الشهيرة: “أيها الناس، لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، ولا تسروا غش الأئمة”.
أبو مسلم الخراساني قُتل وهو في عمر 37 عامًا، لكنه ترك بصمة كبيرة في التاريخ الإسلامي، إذ ساهم في إنهاء الحكم الأموي وبداية العصر العباسي. قورن بالحجاج بن يوسف الثقفي في كثرة القتل وحسن إدارته للمعارك، حيث كان يتعامل مع مخالفيه بشدة وقسوة، ولم يكن يعرف للرحمة مكانًا. في النهاية، استطاع قتل مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية في معركة حاسمة في مصر، لتنتهي الدولة الأموية وتبدأ الحقبة العباسية.
ورغم حياته القصيرة، يُعدّ أبو مسلم من أبرز القادة في تاريخ الإسلام، وقد شبهه الخليفة المأمون بالإسكندر وأردشير، لكونه من الشخصيات التي غيّرت مسار التاريخ وحولت الدول. توفي أبو مسلم في عام 137 هـ، ولكن إنجازاته ومكانته العظيمة تظل حاضرة في ذاكرة التاريخ.