اقتصاديون يتحدثون عن أهمية مرونة سعر الصرف في مواجهة تداعيات خروج الأموال الساخنة
أسماء صبحي
شهدت أسواق الأسهم العالمية تقلبات حادة منتصف الأسبوع الماضي، نتيجة للتوترات الجيوسياسية في المنطقة. وارتفاع معدلات البطالة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاث سنوات، بالإضافة إلى تباطؤ عمليات التوظيف والمخاوف من ركود اقتصادي في أكبر اقتصاد عالمي. هذا الوضع أدى إلى خروج بعض المستثمرين من الأسواق الناشئة.
وفي السوق المحلية، ارتفع سعر الدولار في البنوك من 48.60 جنيه إلى نحو 49.5 جنيه. وأوضح محللون أن هذا الارتفاع مرتبط بتغطية التزامات الاستثمار الأجنبي في أذون وسندات الخزانة من خلال البنوك المحلية. وأكد عدد من الخبراء أن مرونة سوق الصرف الأجنبي في مصر، واتباعه لمبدأ العرض والطلب، يعد الحائط الأول والرئيسي أمام تأثيرات الخروج المفاجئ للأموال الساخنة الذي حدث في “الإثنين الأسود”.
ةأشار الخبراء إلى أن تفاعل سعر الجنيه مع قوى العرض والطلب يسهم بشكل كبير في حماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية. ويعزز استمرارية تدفق العملة الأجنبية من مصادر متعددة، مثل تحويلات المصريين في الخارج، والاستثمار في المحافظ المالية، وعوائد التصدير والسياحة.
التأثيرات المحتملة والتوجهات الحكومية
وفي دراسة حديثة، أوضح المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن السيولة التي دخلت السوق المصرية عقب التعويم لا تشكل خطراً كبيراً. وأشار إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي جاء نتيجة مباشرة للمبيعات الكبيرة في أذون الخزانة المصرية. مؤكداً أن صافى الأصول الأجنبية في وضع قوي، حيث لا يزال الفائض عند مستويات جيدة مقارنة بالفترة السابقة للتعويم.
وأشار ماجد فهمي، الخبير المصرفي ورئيس بنك التنمية الصناعية الأسبق، إلى أن الصناديق الاستثمارية الأجنبية استفادت بشكل كبير من ارتفاع معدلات الفائدة في مصر مؤخرًا. ورغم الأوضاع السياسية المتوترة في المنطقة، التي دفعت بعض المستثمرين إلى الخروج الجزئي، أكد أن مرونة سعر الصرف كانت حائط صد كبير أمام تدفق المزيد من الأموال إلى الخارج أو استغلال الأزمة.
وأضاف فهمي، أن بيع أذون وسندات الخزانة خلال الأسبوع الماضي كان سببًا رئيسيًا في ارتفاع سعر العملة المحلية نتيجة الضغط على الدولار الأمريكي بالبنوك، ما أدى إلى تجاوزه مستوى 49 جنيهًا. وأكد على ضرورة عدم الاعتماد بشكل رئيسي على الأموال الساخنة، واعتبار تلك السيولة مؤقتة مع ضرورة الحذر في استخدامها.
أهمية مرونة سعر الصرف
وقال حمدي عزام، الخبير المصرفي، إن التوترات السياسية في المنطقة هي السبب وراء تخارج المستثمرين من أذون وسندات الخزانة المصرية الأسبوع الماضي. وتوقع أن تتسع نطاق الحرب إذا استمرت الأوضاع على حالها. وأوضح أن الخسائر في البورصات العالمية أثرت بشكل كبير على المستثمرين، خاصة في الأسواق الناشئة مشيرًا إلى أن ضغط الطلب على الدولار أدى إلى ارتفاع سعر العملة المحلية.
وفي تعليقها على الوضع، أوضحت دينا الوقاد، محللة الاقتصاد الكلي، أن التوترات السياسية والاقتصادية العالمية كانت السبب الرئيسي وراء تخارج بعض المستثمرين من الأموال الساخنة في مصر مؤخرًا. وأشارت إلى أن التوترات الجيوسياسية تؤثر بشكل كبير على سعر الصرف في مصر. لافتة إلى أن هذه الاضطرابات تحفز حالة من عدم اليقين والمخاطر في الأسواق المالية، ما يدفع المستثمرين الأجانب إلى التخارج من الأسواق الناشئة.
وأشارت الوقاد إلى أن الحكومة المصرية نجحت في السيطرة على تأثير هذه التقلبات من خلال تبني عدة إجراءات. مثل التنوع في أدوات السياسة النقدية وتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، ما يساهم في تقوية العملة المحلية. ورغم هذه الجهود، أكدت أن هناك تحديات قائمة تتطلب مزيدًا من الجهود لتعزيز صمود الاقتصاد المصري أمام تقلبات الأموال الساخنة. مشيرة إلى ضرورة التعامل معها كحل مؤقت وليس علاجًا جذريًا.