تاريخ ومزارات

الثورة الشعبية في الشرقية عام 1795.. أول حركة احتجاجية في العصر الحديث في مصر

أسماء صبحي

في يوليو 1795، شهدت مصر أول حركة احتجاجية كبرى في تاريخها الحديث. كانت هذه الثورة الشعبية في الشرقية بقيادة عدد من كبار مشايخ الأزهر، وعلى رأسهم الشيخ عبدالله الشرقاوي. حيث خرج المصريون إلى الشوارع للاحتجاج ضد طغيان الأمير إبراهيم بك، شيخ البلد، وحليفه الأمير مراد بك، اللذين كانا يسيطران فعليًا على الحكم في البلاد. وتمحورت احتجاجات المصريين حول تعديات الأميرين على الجرايات والأوقاف، وزيادة الضرائب المفروضة على الشعب.

الثورة الشعبية في الشرقية

ذكر المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي أن حالة السخط الشعبي وصلت إلى ذروتها، مما أدى إلى انفجار الثورة ضد المماليك الذين كانوا يتقاسمون السلطة مع الباشا العثماني. وتوجه أهالي القاهرة إلى الشيخ عبدالله الشرقاوي، شيخ الجامع الأزهر، يشكون له الظلم الواقع عليهم. وعندما عرض الشيخ الشرقاوي مطالب الشعب على الأميرين، لم يلق أي رد فعل منهما، مما أثار غضبه. فقام بجمع المشايخ في الأزهر، وأغلقوا أبوابه ودعوا الناس إلى إغلاق الأسواق والمحلات والاعتصام داخل الجامع.

وفي اليوم التالي، أغلقت الأسواق والمحلات التجارية، وخرج أهالي القاهرة في مظاهرات حاشدة. وتوجه المتظاهرون إلى منزل الشيخ محمد السادات، ثم اتجهوا إلى منزل إبراهيم بك، حيث قابلهم أيوب بك، مدير الشؤون المالية، الذي سأل العلماء عن مطالبهم. وطالب العلماء بالعدل ورفع الظلم وإلغاء الضرائب غير الشرعية وصرف رواتب المستحقين. وكان رد أيوب بك صادمًا حيث قال: “إننا إن فعلنا ذلك ضاقت علينا المعايش والنفقات”، ثم تركهم وانصرف.

نجاح الثورة

استمرت الثورة ثلاثة أيام، ونجحت في إرغام الأميرين على عقد مجلس صلح حضره الباشا العثماني صالح باشا القيصرلي، وكبار علماء الأزهر، بما في ذلك الشيخ السادات والشيخ الشرقاوي. وتم الاتفاق على الاستجابة للمطالب الشعبية وعدم فرض ضرائب جديدة أو اتخاذ إجراءات تمس بالأوقاف وجرايات المشايخ والطلاب والصوفية دون الرجوع إلى كبار المشايخ. وتم توقيع الوثيقة في 15 يوليو 1795، وسجلت بالديوان العالي، مما شكل بداية لنظام دستوري في مصر.

وصف الباحثون والمؤرخون هذه الوثيقة بأنها “ماجنا كارتا” مصرية، تشبيهًا لها بالعهد العظيم الذي فرض على ملوك إنجلترا الالتزام بنظام دستوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى