الحمراء: تحفة معمارية تنبض بالتاريخ والفن الإسلامي
في قلب الأندلس، يقف قصر الحمراء شامخًا كتحفة فنية خلّدها الزمان. كما بني على يد السلالة الناصرية في القرن الـ13 الميلادي. يعتقد أن اسمه مستمد من لون التربة القرمزية التي أقيم عليها، ويشاع أيضًا أنه كان جزءًا من مجموعة حصون عرفت بـ”المدينة الحمراء”.
موقع الحمراء
يتألف القصر من ثلاثة أقسام رئيسية: الأول، “المشور”، حيث كان يدير الملك شؤون مملكته ويستمع لشكاوى شعبه. الثاني، مخصص للاستقبالات الرسمية ويضم الديوان وقاعة العرش. أما الثالث، فهو قسم الحريم الذي يشتمل على الأجنحة الخاصة بالملك وأسرته.
حوش الريحان، بجماله الأخّاذ، يعد من أروع أركان القصر. يطل على فسقيته الرائعة كل من قاعة العدل وقاعة السفراء الواقعة في برج قمارش. ومن هناك. كما يمتد النظر إلى صحن السباع، حيث تتوسطه فسقية مزينة بتماثيل لاثني عشر أسدًا من الرخام.
تلك التماثيل، رغم بساطتها، تجسد الروح الإسلامية في تجنب تصوير الكائنات الحية بدقة. كما ينقسم صحن السباع إلى أربعة أقسام رملية، يفصل بينها ممرات من الرخام. كمايحيط به أروقة مزخرفة بعقود متكاملة ونقوش تظهر الإبداع الفني.
مواصفات قصر الحمراء
تستند هذه الأروقة على أعمدة رشيقة، مرتبة بأنماط مختلفة، تحمل على عاتقها ثراء زخرفي لا يضاهى إلا بجمال قاعة الأختين وقاعة بني سراج، اللتان تطلان على الصحن وتزخران بالمقرنصات والنقوش النباتية والكتابات العربية الأنيقة.
من الزوايا الفريدة بالقصر، المسجد الصغير والحمام. حيث يتميز المسجد بعمارته وزخارفه المتناغمة مع باقي أجزاء القصر. والحمام، بغرفته الأولى المزينة بمسطبتين رخاميتين وفسقية محاطة بأعمدة من المرمر، تحمل سقفًا مزخرفًا بشرفات علوية. وتتميز قاعة الحمام الداخلية بزخرفة بسيطة وقبة جصية بها فتحات زجاجية للإضاءة. كما تضم حوضين يتدفق إليهما الماء من الجبل.
قاعة السفراء، بروعتها وجدرانها المزينة بأروع النقوش المغربية وقبتها الخشبية المذهبة ونوافذها البديعة. كما تعد من أكثر أجزاء القصر فخامة. ويلاحظ أن تصميم الحمراء لم يكن مخططًا بدقة. بل تظهر أجزاؤه أنها أضيفت تدريجيًا، مما يعطي انطباعًا بالتنوع بدلاً من التوحد في التصميم. ويغلب على القصر الزخرفة الفاخرة على حساب متانة البناء. مما أدى إلى تهدم بعض أجزائه وإعادة ترميمها أو إعادة بنائها على مر العصور.
