عبد الرحمن الكواكبي: صوت الحق والتغيير في زمن الاستبداد
وُلد عبد الرحمن الكواكبي في حلب ونشأ في كنف خالته الذكية في إنطاكية، ثم تحت رعاية أبيه في حلب. انحدر من أسرة عريقة تفخر بأصالتها وتقاليدها في العلوم والدين والتصوف. تلقى تعليمه منذ الصغر على يد خالته المثقفة التي تجيد العربية والتركية، فتعلم منها الكثير مما لم يكن يعرفه أقرانه. كذلك تعلم من أساتذته العربية والتركية والفارسية وأمور الدين، مما جعله يعشق المطالعة والبحث.
من هو عبد الرحمن الكواكبي
بدأ الكواكبي يشعر بالأزمات الفكرية من خلال اتصاله بالغرب، حيث فهم معنى الحرية في زمن حكم السلطان عبد الحميد. رأى معاناة شعبه وأراد التعبير عن أفكاره عبر الكتابة، فعمل في جريدة “فرات” الرسمية وأسس جريدته الخاصة التي استمرت لفترة قصيرة. عمل في عدة وظائف رسمية سعى من خلالها للإصلاح، لكنه اكتشف حجم الفساد المستشري في الدولة. لم يتوقف عن النقد والصراخ ضد الظلم، حتى تعرض للمحاكمة والسجن، ولكنه لم يتراجع عن آرائه.
اختار في النهاية الرحيل عن حلب وانتقل إلى القاهرة، حيث قضى آخر سنتين من عمره. زار خلال تلك الفترة العديد من الأقطار العربية والإسلامية، وكتب في الصحف ونشر كتبه.
كان الكواكبي رجلاً شجاعاً يقول الحق حتى لو كان ذلك على حساب نفسه، وكان متعدد المواهب يتعامل بذكاء مع مختلف فئات المجتمع، من الساسة إلى العلماء والتجار والعمال.
ترك الكواكبي آثاراً قلمية عديدة، أشهرها كتاباه “طبائع الاستبداد” و”أم القرى”، اللذان كتبهما في حلب ونشرهما لاحقاً في القاهرة. كما كان له آراء جريئة حول مكانة المرأة في المجتمع، حيث اعتبر أن تجهيل النساء سبب مهم لانحلال الأخلاق ودعا لتعليمهن كجزء من واجبات الأمة نحو الإصلاح.